يوسف المحيميد
في تصريح لوزير الخدمة المدنية في اللقاء التعريفي الخاص ببرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية، حث فيه الشباب على العمل في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هناك 190 ألف سعودي يعملون في القطاع الخاص متقدمين للتحول إلى القطاع الحكومي، وفي نظره أن ذلك يحدث لعدة أسباب من بينها الأمان الوظيفي، وساعات عمل أقل، وإجازات أكثر!
فيما يتعلق بالأمان الوظيفي، هذا يعني أن نظرة هؤلاء الشباب لم تتغير عن نظرة آبائهم قبل عدة عقود، وأن الحال يتكرر، والوضع كما هو عليه، فالقطاع الخاص لم يزل كما هو، لا يمنح المواطن الاستقرار والأمان الوظيفي، وهذه مشكلة كبيرة، إذا لم يشعر المواطن بالأمان والاستقرار، ولا يملك الضمانات الكافية له، ولأسرته، من خلال أنظمة صارمة تمنع فصله، أو الاستغناء عنه دون أسباب قانونية، وفق لوائح محددة، ليس من بينها تقليص الموظفين والعمالة في الشركة أو المؤسسة الخاصة!
أما ما يخص ساعات العمل الأقل، فقد يفهم من كلام الوزير أن المواطن هو إنسان كسول، يبحث عن العمل الحكومي لأنه يريد الراحة بساعات عمل أقل، وهذا غير صحيح إطلاقا، فمعظم شبابنا طموح ونشط، ومحب للعمل، لكنه لن يعمل ساعات إضافية بلا مقابل، لأن هذا ما يحدث، دون أن تستطيع وزارة العمل ضبط الشركات والمؤسسات، وكبح تعسفها، وهي تشغّل المواطن أكثر من ساعات العمل المحددة، ودون أن تدفع له مبلغاً إضافياً مقابل ذلك.
للأسف لم يوفق الوزير في تناول الأسباب الحقيقية لهروب بعض شبابنا من القطاع الخاص، بالذات في الشركات التي تنخفض لديها نسبة السعودة، وتسيطر عليها جنسية عربية محددة، وتمارس الظلم و(التطفيش) لشبابنا، بدءًا من تركيز العمل عليهم، وتصيد الأخطاء عليهم، واختراع أسباب الخصم المستمر على مرتباتهم، وحرمانهم من المكافأة السنوية المرتبطة بتقييم الأداء (البونص) بمنحهم درجة أقل، حتى لا يحصلون على شيء!
أعرف كثيرا من الشباب، بعضهم كتب ويكتب في مواقع التواصل الاجتماعي، عما يعانونه من ظلم في وطنهم، وفي شركات يفترض أن تكون وطنية، ومن حرمانهم من حقوقهم الوظيفية، وهذا ربما من أبرز الأسباب التي تجعلهم يبحثون عن راتب أقل في العمل الحكومي، رغم رغبتهم الشديدة بالعمل في القطاع الخاص، الذي يوفر لهم دخلا أعلى، لو كان يوفر البيئة الصحية النظيفة.
أعتقد أن على مختلف جهات التوظيف، كوزارة الخدمة المدنية، ووزارة العمل، والجهات القضائية، العمل معًا لمعرفة أسباب تسرب الشباب من القطاع الخاص، تحديدا من الشركات التي لا تراعي شروط توطين الوظائف، ومعالجة هذه الأسباب، وعلى رأسها الأمان الوظيفي، وساعات العمل، والإجازات، وغيرها مما يكفل لهم الاستقرار والراحة في القطاع الخاص.