د. خيرية السقاف
الأطفال على المحجة البيضاء،
فطرة البدء، ونقاء البراءة من كل ذنب..
تأخذني الدهشة بعيداً كلما جلست إلى أرواح وثّابة فيهم للنهل،
وقلوب داخلهم عِطاش للسقيا،
هم عصافير قلوبنا المرفرفة في الأفنان على غصون ودِّنا..
يأخذني التأمُّل في ذكائهم المفرط، والتأمل النافذة
فإذا بي توّاقة للنهل من عذب صفائهم، عطشى لنمير نقائهم,..
وقد تشوّهت الألوان فيما يحيطنا، ويحيطهم..!
تأخذني دهشةُ مفارقةٍ تنبجس،
فأحدب عليهم من طمي يعتري، وغربان تحلق،
من قاطعي طرق يتقافزون كالقردة من خلف أكمات الدروب،
يصبون على الأبيض فيها قارهم..!
هو هذا واقعهم الغيمي، وفضاءات ما حولهم الداكنة..
أشفق على براءتهم من معطياتها، ونباتها، ودواليبها، وسيْلها..
فإذا بوميض النجاة ينبعث من مكمن التوجُّس..
فهم حضور الرحمة
وهم موئل البياض..
الأطفال هم حين يتحلّقون يتساءلون:
«لماذا يموت الأطفال مثلنا في الجوار؟»
وعند إعادة السؤال ذاته إليهم بغية سبرهم، وبلوغ مكنونهم
تأتي الإجابات مفحمة منهم..
وفي النهاية يتلمظون عباراتهم وهم يسخرون مجيبين:
«مجانين، قتلة الأطفال مجانين»..!!
ثم يسألون:
« لماذا لا يذهب المجانين للمصحات، ربما يتعافون فلا يموت الصغار»......؟!
إي ورب السماء الأطفال للحياة..
والقتلة المجانين للمصحات، أو للفناء ...!!!
ولكن...؟!