رجاء العتيبي
المعادلة سهلة، حتى يكون لك (أتباع) ينافحون عنك في تويتر, انضم لحزب مؤدلج أو اتجاه فكري مضطرب نفسياً، واشتم خصومهم، وافضحهم واكذب عليهم، ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك أتباعك، هكذا -بكل بساطة- يمكن أن تجد أناسا هائمين يصبحون خلفك أينما حللت وارتحلت، أناس غير قادرين على أن يقولوا مثلك، فيتمترسون خلفك وتصبح لسان حالهم في كل أشكال الفساد الفكري.
هناك من سبق غيره، فبات يملك مليون متابع وأكثر، وهناك (حسابات) جديدة تسير في هذا الطريق، وتعرف أنه أقصر الطرق للحصول على ملايين المتابعين, وأساليبهم باتت مكشوفة، فإما أن تكون مع أردوغان ضد السيسي أو مع السيسي ضد أردوغان، أو تكون مع السنة ضد الشيعة أو مع الشيعة ضد السنة، أو تكون مع الإخوان ضد الليبراليين أو مع الليبراليين ضد الإخوان، وقس على ذلك.
وفي الواقع لا وجود لهذه الثنائيات بالحدة التي يتعامل معها الفرقاء، ولكنها ثنائيات مفتعلة لبناء حدود للحزب حتى يسهل التفريق بين الأضداد، لمعرفة من معك ومن ضدك، في حين تعرف كل فريق في لحن القول في كل تغريدة.
في كل مرة نشاهد شخصا ما، يصدم المجتمع بعبارات غريبة، وأقوال شاذة عن القاعدة، أو يفاجئ الخصوم بفضائح، والهدف من ذلك لفت الأنظار بأسرع وقت، ليكون في دائرة الضوء وحديث الناس، وعلى شاشات الفضائيات، وفجأة يصبح له أتباع، ويصبح قائد رأي متطرف، يقول ما يود قوله أتباعه بدون تحفظ ولا رقابة ذاتية.
هذا يكثر في المجتمعات النامية، أو المتخلفة، حيث يصبح الانتصار للذات، أو الانتصار للجماعة، أو الانتصار للفكرة هو السائد، في ظل تغييب للفكر التنموي وبناء الإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه ودينه، وهذا هو سر الصراع المستمر بين الثنائيات المحتربة في عالم السياسة.
لن تجد هذا في المجتمعات المدنية، لا في تويتر ولا في الحياة اليومية، ولا على صفحات الجرائد، فمن سمات هذه المجتمعات (الإنتاج) لصالح كل الفئات والشرائح، فلا وجود للأتباع المتطرفين، ويستعاض عنهم بالجماهير والمعجبين وهي فئة أرقى من الأتباع.
ليس هناك بارقة أمل للحد من هذه الاتجاهات التي أفسدت تويتر، سوى انتظار أجيال تتغير معها الحال نتيجة للتطور الفكري والإنساني، كما انتظرنا أجيالاً جديدة تسامحت مع (الدش) وبات شيئاً عادياً لا يحاسبك أحد على وجوده في سطح منزلك.