فهد بن جليد
بعيداً عن النسخ العربية المشوّهة، نجد أنّ كبرى القنوات التلفزيونية العالمية اليوم، تعكف على تدريب (نجومها) لكيفية الإطلالة بعفوية، والخروج بتلقائية على المشاهدين لكسب قلوبهم والتأثير عليهم في البرامج الحوارية، حتى أنّ بعض نشرات الأخبار باتت تقدم بطريقة وأسلوب (شعبي بسيط).
تليفزيوناتنا العربية لم تعد تمثلنا تماماً وإن بدت (فخامة) برامجنا الحوارية ونشراتنا الإخبارية واضحة من ديكور الأستوديو، وانتهاءً بملابس، وعبارات ومُصطلحات المُذيع، وهو ما أثّر حتماً على الأفكار المطروحة، وكأنها تخص مُجتمعات أخرى؟!.
يبدو أنّ هناك (أزمة تلقائية) في المجتمعات الإنسانية، مُشابهة تماماً (لأزمة الثقة) التي نعيشها مع تطور الحياة المدنية، وهو ما جعلنا في المجتمعات العربية نحترف (جلد الذات) المُستمر بكل أشكاله، بحثاً عن الصورة المقبولة أو المثالية، لنفتقد للعيش بالتلقائية المطلوبة، والتي تعد سراً من أسرار القبول، التي يجهلها المتكبرون والمتنطعون في كل الفنون والثقافات، ويعيشها أصحاب النفوس الطيبة النزيهة كجزء من شخصيتهم الحقيقة بإيجابياتها وسلبياتها، لأنه لا يمكن تصنّعها، بقدر ما يمكن تعلُمها بالعودة (للطبيعة البشرية)، وممارسة الحياة على سجيتك بعيداً عن التكلف.
هذه ببساطة التلقائية التي يدَّعيها الجميع وتكثر محاولات بنائها عند من يعتلون (المنابر، والمنصات)، ندَّعي (التلقائية والبراءة) في أعمالنا وتصرفاتنا، بينما الواقع يخالف ذلك بمجرد أن تكتشف أن هناك أكثر من وجه، وأكثر من حقيقة، بينما التلقائية لا تحتمل سوى أمر واحد!.
التلقائي في معجم اللغة هو العفوي غير المُتكلف وغير الملزم، فهل أنت كذلك ؟!.
من (خطيب الجمعة) إلى أشهر مقدمي البرامج التلفزيونية والحوارية في عالمنا ، بزغ فقط (نجم) من يصدقون مع أنفسهم قبل الآخرين، لأنّ الوصول لقلوب الناس والمستمعين والتأثير عليهم بشكل مباشر يمر عبر (التلقائية) المُفتقدة.
الصخب والانفعال.. لم يعودا جزءاً من (التأثير)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.