كوثر الأربش
«عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة، الحرة والهادفة في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها» .. هكذا عرّفت منظمة الأمم المتحدة التنمية البشرية والتي تعتبر المملكة أحد أعضائها. وهنا لن أستعرض مستوى المملكة في التنمية البشرية، باعتبارها أمراً واقعاً، ومرئياً وتتبع خططاً وآليات تتطور على الدوام. ولكن السؤال المطروح: أين المرأة من التنمية في المملكة؟ بقيت المرأة السعودية حتى وقت ليس ببعيد، وبكل ما تحمله من طموح وتطلُّع ووعي لقدرتها الذاتية ولمصالح أُسرتها ومجتمعها ووطنها، وحنينها الجارف بأن تكون ضمن قافلة التنمية في هذه البلاد المنطلقة للغد بكل قوة. كانت مطوّقة في نطاقين رغم أهميتهما القصوى إلا أنها محصورة بهما لحقب طويلة: التعليم والطب. وهنا لن أذكر المبررات لأنها لم تَعُد فاعلة بعد أن فتحت سياسة المملكة نطاقات جديدة كلياً على المرأة، استثمرت بها طاقة المرأة السعودية التي تمثل 49.1% من جملة السكان. حسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بوزارة الاقتصاد والتخطيط للتعداد العام للسكان لعام 1431 هـ. منها انطلقت المرأة السعودية لأن تنهض بذاتها وبمجتمعها وبوطنها في شتى المجالات، الاقتصادية والثقافية والسياسية والرياضية أيضاً. لكن، وبرغم تفهُّم القيادة الرشيدة في البلاد ووضع آليات وتنسيقات وسن قوانين تصب كلها لصالح الوطن ورفاهية أفراده، وتمر من خلال إشراك المرأة في المنظومة التنموية، وبرغم تفاعل المرأة المثمر والواعي والمسؤول مع كل نطاق تدخله (كفاءة وحماسًا)، إلاّ أنّ بعض العقول الذكورية نسيت أن تتقدم مع الزمن، وبقيت تعتبر المرأة جزءًا من المقتنيات الشخصية، أو في أفضل الأحوال تعتبرها (بوابة شر) لابد من إحكام إغلاقها وإلا غرق في الوحل والعار. أقول هذا بكل أسف في عام 2016، في الوقت الذي أصبحت فيه المرأة السعودية عالمة وطبيبة وعضو مجلس بلدي، وعضو مجلس شورى!! هؤلاء ليسوا جُناة بقدر ما هم مصابون بالخوف والذعر من المجهول. وأنا بقدر ما أملك من رويّة وتفهُّم، أبذل قصارى جهدي لتفهُّم مخاوفهم، وبثهم الطمأنينة والاتزان الكافي ليس ليكفوا عن إحراجنا مع العالم في شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية وحسب، بل من أجلهم هم، ليعشوا أسوياء ولينعموا بالهدوء والسلام. لأنّ رجلاًبث للعالم قلقة ومخاوفه من المرأة، ويجد في نفسه قابلية لوصفها بكل تلك الصفات الخالية من الوقار والإيمان والأدب، كيف يمكن أن ينام هانئاً في بيته؟ ما هو حال نساء بيته؟
إنّ المنظومة التنموية السعودية اليوم بقيادتها الحكيمة وبأيدي السعوديات والسعوديين تتطلع للغد بكل تفاؤل، وتمضي للاتساق مع الزمن ومتطلباته بموضوعية وحنكة ومراعاة لضوابط ديننا السمح العظيم. وسيبقى هؤلاء في دائرة قلقهم حتى يكتشفوا أنهم حقًا بحاجة لأن يساعدوا أنفسهم أولاً.. أعني أن يلجأوا لمن يأخذ بيدهم للصحة والسلامة والهدوء والاتزان..