خالد بن حمد المالك
كان رعداً شمالياً مدوياً، طمأن الناس، ووضعهم على حقيقة القوة السياسية والعسكرية الضاربة التي تتمتع بها بلادنا، فقد جاء هذا الحشد العسكري، وحضر هذا العدد من الزعماء، وتم هذا النجاح المتفوق في رعد الشمال، ليبرهن كل ذلك عن مكانة المملكة عربياً وإسلامياً، وليؤكد من جديد القوة العسكرية الضاربة التي تتمتع بها قواتنا العسكرية برجالها وآلياتها.
***
كان يوم الخميس الماضي -ومثله يوم الجمعة الذي تلاه- يوماً تاريخياً لن يُنسى، فقد شكل حدثاً عسكرياً مهماً في حجمه ونوعيته ما لم يُسبق إليه، وهو بمثابة انتصار للسياسة الحكيمة التي تتمتع بها المملكة بقيادة الملك سلمان، وتعتمد عليها في علاقاتها الثنائية مع دول العالم، بما أربك أعداء المملكة، واضطرهم إلى إعادة حساباتهم بشأن ما يخططون له من مؤامرات، أو تدخل غير مبرر بالشأن الداخلي للمملكة ودول الخليج.
***
شعر المواطنون - مع رعد الشمال - بالنشوة والثقة على أننا نمتلك القوة والعزم والتصميم للدفاع عن الوطن، وأن لنا أصدقاء ومحبين وداعمين للتوجه الذي تقوده المملكة في محاربتها للإرهاب، وأنهم يقدرون خططها وبرامجها وسياساتها لإحلال السلام في منطقتنا وفي العالم، ما لا يمكن للأعداء أن يجدوا ما يقولونه أو يفعلونه أمام هذا الاحتفاء والتقدير لسياسة المملكة، فيما هم يبددون ثروات دولهم على المؤامرات، وإثارة الفتن، وخلق مناخات من عدم الاستقرار.
***
وكل من شاهد وتابع واستمتع برعد الشمال منذ انطلاقته، لابد وأنه أدرك ما يعنيه هذا التجمع العسكري المهم من قيمة ومعنى على استقرار منطقتنا، وبالتالي ثمَّن الجميع للمملكة دورها في حشد هذا العدد الكبير من القوات التي تمثل عشرين دولة عربية وإسلامية، ما لا يمكن أن يفكر به، أو يسعى إلى تنظيمه بهذا الاتفاق والاتقان، إلا دولة لديها هذه الإمكانات والعقول والعلاقات الأخوية المتميزة مع الدول الأخرى، كما هي علاقة المملكة مع الدول المشاركة في رعد الشمال.
***
ولعل أكثر من أرعبه وأخافه هذا الحدث العسكري المهم هي الدول التي يزعجها هذا التعاون بين الدول العربية والإسلامية، ويثير حفيظتها أن ترى المملكة - تحديداً - تمتلك هذه القوة البشرية والآلية بمثل ما تم مشاهدته في العرض العسكري في حفر الباطن، وأعني بهذا إيران وإسرائيل، وكل دولة لا تجد نفسها ضمن منظومة الدول المتعاونة على الخير والسلام، ممن أبعدها سلوكها وعدوانها عن أي تكتل ينشد الخير، ويسعى إلى السلام، ويحارب الإرهاب.
***
وفي مقابل رعد الشمال -وبشكل متزامن- جاءت أخبار الانتصارات المدوية من تعز في رعد الجنوب، لتضعنا هذه التطورات على موعد مع تحرير صنعاء، فبقية الأراضي اليمنية، تحريراً يخلص اليمنيين من الحوثيين وأتباع المخلوع صالح، بما يمكن القول: لقد أصبحنا على موعد قريب مع حسم المعركة لصالح الشرعية في اليمن الشقيق، بعد أكثر من عام على بدء عاصفة الحزم مهمتها؛ لإعادة الاستقرار هناك بأقل الأضرار بين المدنيين وفي البنية التحتية، وهو ما أجَّل الانتصار، وأخَّر سحق عملاء إيران في اليمن.
***
ومثلما اختتم هذا الحشد الكبير من القوات العسكرية في شمال المملكة، سنكون قريباً - إن شاء الله - على موعد مع اختتام مذهل وسار للمعارك المشروعة في اليمن، بما يلبي تطلعات اليمنيين، ومن ثم إعادة الاستقرار لدول المنطقة، ومنع إيران من التفكير مستقبلاً بإيذاء جيرانها، أو إثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين مواطني دول الخليج، بعد هذه الدروس التي صفعتها، ويفترض فيها أن تكون قد استوعبتها وتعلمتها، وبالتالي على من غرر به أن يتعلمها ويفهمها، فالكلام الإيراني المخادع، والوعود الكاذبة التي يتناوب على إطلاقها أصحاب العمائم السوداء ليس لها غير هذه النهاية.