رقية الهويريني
ينتج الشعب السويدي كميات هائلة من النفايات المنزلية توازي ما تنتجه كثير من الدول الأخرى، ولكن المفاجأة أنّ أقل من 1% منها ينتهي بها المطاف في مطامر النفايات! لأنّ المجتمع السويدي تعوّد على تصنيف المخلفات قبل مغادرتها البيوت، حيث يتم فصل البلاستيك والورق والمعادن والزجاج كلٌ على حدة. وكذلك تفصل بقايا الطعام ويتم تصنيفها، وتقوم الشاحنات بنقل النفايات المصنّفة إلى محطات إعادة التدوير المنتشرة في أنحاء البلاد. وتُعَد السويد من طلائع الدول المصنّفة في مجال الاستفادة من الطاقة الناتجة من حرق النفايات، فما يقارب 20 % من الكهرباء في السويد يتم توليدها من إعادة التدوير، حيث وصلت السويد إلى مراحل متقدمة في مجال إعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى طاقة، لدرجة أنها باتت تستورد المخلفات من الدول الأوروبية المجاورة مثل النرويج.
وفي محطات إعادة التدوير يتم فصل المواد التي يمكن إعادة استخدامها، ومن ثم يتم حرق الباقي في محطات متخصصة لتنتج الكهرباء، مع سعي هذه الدولة لتخفيف أضرار الانبعاثات الناتجة عن عملية الحرق، من خلال مشاريع رائدة وبنّاءة تساهم في الحد من انبعاث الغازات الضارة بالبيئة (أهمها غاز الميثان)، كما أنّ لها جدوى اقتصادية بتحويل غاز الميثان إلى طاقة كهربائية تسهم في تقليل الضغط على محطات توليد الطاقة.
وهذا الإجراء الحضاري جعل السويد تستفيد لأقصى درجة من كل طن نفايات، لذا فهي تُعَد من أكثر دول العالم محافظة على مصادر الطاقة والبيئة. حيث تضاء مدينة (غوثينبيرغ) في السويد وتدفأ باستخدام النفايات البديلة الصلبة لتوليد الطاقة الحرارية والكهربائية منذ أكثر من عشرين عاماً.
وأزعم أنّ الشعب السعودي مستهلك بشراهة ولا يستنفد كل ما يشتريه! بل إنّ الناظر ليعجب من كمية النفايات الهائلة التي تخرج من المنازل عبر الأكياس الضخمة وترمى في البراميل والحاويات دون تفكير ولا تصنيف، دون بوادر لحل هذه المشكلة!! لذا يلزم القيام بإجراءات حازمة لحل هذا الأمر قبل تحوله لمشكلة، فضلاً عن الفائدة العائدة من تدوير النفايات بدلاً من التخلص منها بالحرق والطمر والوسائل البدائية الأخرى.
وليس أجمل من أن تضيء نفاياتنا منازلنا وتبرد أجواءنا الحارة!
هل أنا أحلم؟! لعله حلمٌ يصبح ـ عما قريب ـ واقعاً جميلاً !!