د.موسى بن عيسى العويس
* حديث الساعة محليا في الوسط الشبابي المعطّل عن العمل هو قرار وزارة العمل القاضي بسعودة محلات (بيع الجوال والصيانة )،ودائما المهموم وصاحب الحاجة يبدي تفاؤلا بمثل هذه القرارات أو المبادرات من بعض أجهزة الدولة، ويعقد عليها آماله، لتحقيق طموحاته، وبخاصة في ظل تصاعد مؤشرات البطالة من الجنسين، وهو ما سبب بطبيعة الحال قلقا اجتماعيا قد لا يدرك الكثير من أخطاره وآثاره على هذا البلد.
* المجتمع السعودي له تجربة غير سارة إلى حد ما مع برامج التوطين، هذه التجربة ربما تزيد على عقدين من الزمن، لهذا دخلت النكتة اللطيفة والحوار الساخر تجاه هذا القرار، وبخاصة والجميع يعلم أن هناك أوامر سامية سابقة في سعودة بعض المهن، كمحلات بيع الخضار، وسائقي الأجرة الخاصة، وبيع الذهب والمجوهرات، ولا أظن أن مثل هذه المجالات تحتاج منا إلى عرض واقعها من خلال مقال، فالواقع مدرك للكبير والصغير، للمواطن والمسؤول.
* اليوم الموعود لوزارة العمل هو بعد مضي (6) أشهر من تاريخ القرار الذي أعلنته على الملأ (وإن غدا لناظره قريب) حينها ستجد الوزارة نفسها أمام المحاكمة من الشباب والمجتمع. ذلك التاريخ سيشكل منعطفا في تاريخ الوزارة. هم أمام قرار واضح، ومع مفتشين أدوا القسم على الإخلاص فيما أوكل إليهم من عمل تجاه مصلحة هذا الوطن وأبناؤه، في ذلك التاريخ سيفتح المجتمع هذا الملف، وجميع ملفات السعودة التي أشرنا إليها. الأمل أن تكون الوزارة مستعدة لمثل هذه المناقشات والتساؤلات والقرارات، والمحاسبة اليوم ليست كالمحاسبة بالأمس، وتذكروا أن الإعلام اليوم وخاصة الجديد هو المراقب الأكثر خطورة، ومنه تبدأ خطوات المحاسبة، والمجلس الاقتصادي والتنموي بدأ بمراجعة القرارات التي اتخذها على مدى عام كامل، ما الذي نفذ، وما الذي لم ينفذ؟،وما أسباب عدم التنفيذ ؟ولماذا أدرجت بعض البرامج والخطط المستقبلية مالم يكن جلها على الأقل أخذ مساره في التطبيق والممارسة.
* من المنظور الشخصي أكبرت في الوزارة اتخاذ مثل هذا القرار، الوطني في أهدافه، وغاياته، أكبرت في الوزارة أنها وضعت نفسها أمام تحد كبير، لتهيئة الفرص أمام شباب وشابات هذا الوطن، والتقنية بطبيعة الحال تعلما وممارسة هي لغة الحاضر، ومفتاح المستقبل أمام الدول. أكبرت في الوزارة تحملها المسؤولية في سبيل الحد من استقدام العنصر الأجنبي من خلال هذا القرار، وكذلك التقليل من مؤشر البطالة الوطنية المزعجة، رغم كثرة الفرص أمام طالبي العمل أكبرت في الوزارة تهيئةالقطاع الخاص وحفزه وتشجيعه، لاستيعاب راغبي العمل من المواطنين.
هذا القرار إن تم تطبيقه خطوة جبارة في الإصلاح، وتحريك المياه الراكدة، وخطوة سابقة تخدم برامج التحول الوطني.
شباب وشابات الوطن، الفرص امامكم، انفضوا عنكم غبار الكسل والاتكالية، تحملوا مسؤولية انفسكم، وما يبتغيه الوطن من سواعدكم الفتيّة، وخطوات النجاح تبدأ عادة بخطوة واحدة، هذا هو المرجو منكم، أما بقية أطياف وفئات المجتمع وقادة الرأي فإن عليهم مسؤولية التشجيع والمؤازرة والوقوف أمام كل خطوة وطنية، بعيدا عن لغة التشاؤم، أو التثبيط أمام كل مبادرة ومشروع، فالأبناء أبناؤكم، والوطن وطنكم، وكلنا نشعر بأهمية مستقبل هذا الوطن بين المجتمعات الأخرى، ونستشعر التحديات المحيطة به عن قرب.