سمر المقرن
شعرت وأنا أقرأ نتائج الدراسة التي أجرتها الجمعية الخيرية للزواج والتوجيه الأسري في جدة، ونشرتها «الجزيرة» يوم الأحد الفائت، بزيادة وعي الشباب، ونظرتهم التي بدأت تتغير نحو الزواج والمرأة. جاء في نتائج هذه الدراسة أن 77.3% من عينة الشباب يوافقون على الزواج من امرأة مطلقة، و 67.2 يوافقون على الزواج من أرملة. ونسبة عالية من الشباب وصلت إلى 74.6% أكدوا عدم ممانعتهم من الزواج ممن تكبره سنًا.
هذه النتائج تؤكد أن الشاب السعودي يعيش تغييراً إيجابيًا، وأن نظرته إلى العروس لم تعد كما يراها -بعضهم- بضاعة جديدة أو مستعملة، أو أن للمرأة تاريخ صلاحية. الشاب السعودي اليوم بات يدحر هذه الرؤى السلبية التي تحط وتقلل من قيمة «الإنسان» وتجعل المرأة في مصاف البضائع، بعيدًا عن الحالة الإنسانية التي تجمع بين المرأة والرجل، وبعيدًا عن الاتفاق الفكري والانسجام العاطفي!
الرؤى السلبية التي جعلت الحياة وكأنها غابة، والرجل عبارة عن وحش يريد أن يفتك بحيوان سائب صغير، أصحاب هذه الأفكار هم من يدافع عن تحديد سن الزواج للفتاة، لأنهم يريدون أن يفتكوا بالصغيرات وكأنه يشتري لحم خروف حسب عمره وعدد أسنانه، والغريب أن يكون هناك أهالي يشجعون أصحاب هذه النظرة ويرمون بناتهم الصغيرات في أحضان هؤلاء!
أصحاب هذا الفكر دائمًا يستندون في رفضهم لإيجاد قانون يمنع زواج الصغيرات إلى زواج الرسول -عليه السلام- من عائشة -رضي الله عنها- مع أن هناك بحوثا دينية أكدت أن الزواج لم يتم في عمر صغير إنما الخطبة، بينما يتجاهلون زواجه -عليه السلام- من خديجة -رضي الله عنها- التي تكبره بأكثر من خمسة عشر عاماً، لأن هذا لا يعتبر في مصالح غريزتهم، لذا يبتعدون عن ذكر هذه القصة.
مؤسف أن تكون مفاهيم الزواج ناقصة، ومفرح جداً أن نرى الشباب وهم ينسفون كل هذه الترسبات البالية والبعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام أولاً، وعن الأخلاق وعن الإنسانية ثانياً، لأن علاقة الزواج أكبر وأجل وأعظم من عمر المرأة أو الرجل، إلا أنني في جميع الحالات أحبذ أن لا يكون هناك فارق كبير بالعمر بين الزوجين لأن هناك غربة بين الأجيال، وجميل أن يكونا من جيل واحد ومتقارب بالعمر، سواء كانت الزوجة أكبر أو أصغر.
أيضاً هناك فكرة منتشرة بالمجتمع تعتقد أن الفتاة كلما تكبر تكون ناضجة أكثر، وأنا في اعتقادي أن النضج الفكري تظهر بوادره باكراً، بمعنى أن لا يمكن أن تكون فتاة تافهة في عمر العشرين وتتغير إن وصلت الثلاثين، فعلامات النضج الفكري تبدأ لدى الإنسان من عمر مبكر وتحديداً من سن المراهقة، نعم تكون هناك تصرفات صبيانية يحكمها العمر، وهذا طبيعي خصوصاً لدى المراهقين، لكن من المستحيل أن يتغير الفكر تغييراً جذرياً.
ما أؤكد عليه، هو أن الزواج علاقة أسمى وأنبل من كل الإسقاطات المريضة والشحنات السلبية خصوصاً تجاه المرأة، ومن ينظر له نظرة عقلانية مستحيل أن يفشل، بل سيظل قادراً على إيجاد بيئة زوجية تواءم عقله ونهج تفكيره.