رقية الهويريني
سعدت بقرب مناقشة مقترح لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى حول تعديل نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 26-10-1428هـ الذي يقضي بإضافة فقرة برخصة القيادة تبين رغبة السائق بالتبرع بأعضائه من عدمها حال وفاته.
والحق أن لجوء المرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء في الخارج كانت نتائجه سيئة، فمعظم الحالات التي جازفت واشترت أعضاء من خارج المملكة رغبة منهم بالبقاء أصحاء تسببت بمشكلات صحية مثل رفض الجسم للعضو المزروع أو فشل العملية جراحياً أو مناعياً أو إصابة المتلقي بالتهاب فيروسي، لأن أغلب هذه الزراعات غالباً تتم بغرض التجارة وبطريقة غير أخلاقية.
وأرجو ألا يُكتفى بتضمين الاستمارة تلك العبارة، ولكن ينبغي تكثيف حملات التوعية وتفعيل دور المجتمع نحو أهمية التبرع بالأعضاء، وزيادة الوعي بمفهوم الوفاة الدماغية وأنها تعادل الوفاة الحقيقية، ويحسن إدراك الناس بالمشكلة المتنامية لمرضى الفشل العضوي النهائي ونقص الأعضاء، وضرورة مساهمة الكتاب والمثقفين في وسائل الإعلام وخطباء المساجد لدعم برنامج زراعة الأعضاء وجواز استئصالها والتبرع بها بعد الوفاة، والتشجيع على ذلك، فالكثير من الناس يظن أنه عمل غير مقبول، ويرفض ذوو المتوفى نقل أعضائه لإنسان يحتاج إليها، وبإمكان التوعية طرد تلك الاعتقادات والأفكار، كما أن تدوين رغبة المتوفى سلفاً بالتبرع ستلقى الموافقة والتسليم كونها تمثل وصية رسمية لا تقبل المعارضة أو التردد!
ولئن قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، فإن بإمكان أعضاء متبرِّع واحد إنقاذ حياة، أو مساعدة ما يزيد على عشرة أشخاص. فالتبرع بعد الوفاة يمثل مصدراً جيداً للأعضاء التي يصعب أخذها من الأحياء مثل القلب والبنكرياس والكبد والرئتين، كما يمكن الحصول على أنسجة من المتوفى مثل قرنية العين والجلد.
وهناك الكثير من المرضى الذين لا يجدون متبرعين أحياء، فيتم وضعهم على قوائم الانتظار للحصول على أعضاء من الوفيات، وتصل نسبة نجاح العملية إلى 80 في المائة. وتعتمد عادة على جودة العضو المتوفر كعمره وسبب الوفاة وخلوه من الأمراض.
ولا شك بأن التبرع بالأعضاء هو معنى جميل للبذل والعطاء والتضحية بجزء عزيز على النفس لأشخاص قد يكونون مجهولين بالنسبة إليه ولكنهم شركاء له في الإنسانية.