فهد بن جليد
بالأمس تحدثنا عن تجربة مهاتير محمد وحضوره المؤثر في حفل جائزة (الشاب العصامي) بمنطقة القصيم ولقائه بشباب الأعمال هناك، وفاتني الإشارة إلى (تجربة محلية) تم استعراضها، كان فيها الدكتور ناصر الطيار متحدثاً رئيساً، حيث مثل (العصامية الحقة) كأحد رموزها في القطاع الخاص السعودي، عندما نتحدث عن رحلة الطيار العصامية فنحن نتحدث عن تجربة حديثة مثيرة ومُلهمة للشباب السعودي لأن ظروفها، وأدواتها مُشابهة أو مُقاربة لظروف شباب اليوم، وفصولها حدثت في سنوات قريبة، وبالتالي ينتفي معها الحديث عن زمن الطفرة البعيد الذي جعلنا منه شماعة نعلق عليه أخطاءنا، كزمن لن يتكرر مهما بذلنا من الجهود، وهو ما يجعل الشباب ينظرون لتلك النماذج التي عاشت ذلك العصر، بأنها نماذج محظوظة فقط، ويتعاملون معها كقصص حالمة، يصعب أن تتحقق.
حياة وعِصامية الدكتور ناصر معروفة، ولن أكررها هنا، والجميل أنه يعرض تجربته بشفافية في كل مرة، مما جعل وقعها على الحضور كبيرا ومؤثرا، فهو يسّرد أحداثا مفصلية وقعت فصولها قبل سنوات قليلة، بعدما عاش في بداية التسعينيات ظروفاً صعبة، ومني بخسائر فادحة، ولكنها الخبرات المتتالية والمتتابعة، وصدق النوايا الذي جعل الحلم يتحقق، خصوصاً عندما يجتمع ذلك مع الالتزام بتعاليم العبادات، ولعل العبارات التي استخدمها بأنه استقال من منصبه للتفرغ للأعمال الخيرية، واتخاذه الشيخ سليمان الراجحي أنموذجاً يُحتذى، يؤكد أن الفكر العصامي السعودي مُتسلسل ومُتتابع، ويستحق التحليل والتأمل.
العصاميون السابقون نجحوا دون استخدام تكنولوجيا في الغالب، معتمدين على مجهودهم العقلي والبدني، حيث كان شغف الحياة أصعب، أما العصامية الجديدة والتي يمثلها (الطيار) فلا تعني بالضرورة القدرة على التحمل والسهر، بقدر ما تعني التفكير السليم، وكسب الخبرات، وسعة الأفق، والصبر المحمود بإعطاء الوقت الكافي، وهذه الأسرار اتفق عليها الجميع.
وعلى دروب الخير نلتقي.