فهد بن جليد
دار نقاش حاد في أحد المجالس، انتقد فيه أحدهم الآخر لأنه يُشقي نفسه في متابعة أبسط احتياجات البيت، بينما أبناؤه في المنزل مرتاحون ومشغولون بمتابعة كرة القدم، مؤكداً أن ذلك ليس من التربية في شيء، فالواجب أن يُجبر الأب (ابنه) على ترك ما يريد، من أجل فعل ما يريد والده، كأسلوب تربوي؟!.
الأخ المُعترض على راحة الأبناء يقول: إن الولد من زينة الحياة، أكرِمه وقدم له أفضل أنواع الطعام والشراب والملابس ولا تبخل عليه، ولكن على كل أب أن يستلذ بخدمة (ابنه) له، قائلاً إنني مُستعد لإيقاظ إبني من نومه، أو من مشاهدة مباراة مُثيرة ليذهب للبقالة ويأتي لي أو للبيت (بغرض معين) دون أن أرسل السائق، أو أن أذهب أنا لإنجاز هذا الأمر، لأن الابن إذا تعوّد على خدمة أبيه بجديه في هذا العمر، سيستمر برعايته عند الكبر، مُرجعاً سبب (خراب) الجيل الحالي لدلع الآباء، وتراخيهم في صقل الأبناء وتربيتهم، بالإكرام تارة، وبالإكراه على الخدمة تارة أخرى.
لتختبر رأيك، وتحاول الإجابة على السؤال التالي: في حال كنت أمام خيرين، إمّا أن تعتمد على نفسك وتذهب لإنجاز عمل معين، أو أن تطلب من أبنك (حتى لو كان مسترخياً في المنزل) القيام بهذه الخدمة نيابة عنك، فأيّهما تختار؟!.
أنا مُتأكد أن مُعظمنا يفضل أن يشقى هو ويتعب، وأن لا يكلف على ابنه أو ابنته شيئاً، لأننا جميعاً نتطلع لراحة أبنائنا لتكون حياتهم أفضل من حياتنا، فهل ما نقوم به عمل تربوي صحيح؟.. أم هي فطرة الأبوة؟!.
ما أعلمه أن مُعظم رجال الأعمال يدينون لتعب الحياة، واعتمادهم على أنفسهم مبكراً، ووجود أب أو أخ صارم وجاد، كأسباب رئيسة قادتهم للتميز والنجاح، القضية لا علاقة لها (بالقسوة)، في الحديث الذي رواه الترميذي (لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع).
هي قضية تربوية، وجزئية هامة، لا أعرف لماذا يتجنب التربويون الحديث عنها غالباً؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،