محمد الشهري
** بالنسبة لي على الأقل، كان مفاجئاً ذلك اللغط البرامجي الذي أعقب واقعة ثلاثي المنتخب (سالم الدوسري ووليد باخشوين ونايف هزازي) الأخيرة؟!.
** فالذي قُدّر له أن يستمع لما ظل يدور في برامجنا - دون استثناء - من لغط وجدل حول القضية هو أقرب إلى حوار الطرشان، وهو لا يعلم شيئاً عن واقعنا سيظن للوهلة الأولى أن الثلاثي (الكوكباني) إياه قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل.. أو أننا نعيش في بحبوحة من الشفافية والدِّقة اللا متناهية في سَنّ القوانين واللوائح، وفي رغد من الاحترام والحزم والصرامة التي نُحسد عليها في تنفيذ وتطبيق تلك القوانين واللوائح بلا هوادة، لذلك جاءت الواقعة بمثابة الصاعقة!!.
** ذلك أن قضية الثلاثي المذكور لم تكن سابقة، وإنما هي مسبوقة، والعجز الرسمي عن تصنيف الحالة ومن ثم التعامل معها كما يجب ما هو إلاّ (عادة) متجددة فرضتها وقائع معيّنة وقفت حيالها الجهات المعنية موقف العاجز عن مواجهة قوة التيار، لعل أشهرها وأقربها إلى الذاكرة كمثال، تلك المتعلقة بالحارس (عبد الله العنزي) ومن ثم الثلاثي (عبد الفتاح عسيري وفهد المولد وشايع شراحيلي)؟!.
** فعلى الرغم من إدراك الجميع بأن معظم اللوائح المتعلقة بالكثير من قضايانا الرياضية سواء المتوارثة منها أو الطارئة، مطّاطية بشكل مبالغ فيه، وأنها مُعدّة ومصمَّمة سلفاً لتمكين جهات الاختصاص من ممارسة ما يحلو لها من الالتفافات حسب اتجاه الريح، بل الإفلات أحياناً من المسؤولية، إمّا باللجوء لاختراع وسائل بلهاء للمعالجة، أو اللجوء لأساليب التسويف والتمييع؟!!.
** ومع ذلك (ضجّت) البرامج، وتهافت القوم كلٌّ يغني على ليلاه.. هذا يلقي باللائمة على (مارفيك)، وذاك يلقيها على اللاعبين، وآخر يراها برمّتها مناطة بالأندية، فيما يراها البعض نتاج ضعف أو غياب الأنظمة واللوائح الملزمة، والبعض الآخر يراها ثمرة ضعف وتقاعس الجهات المعنية بالأمر!!!.
** على أن أكثر ما يلفت الانتباه وسط ذلك (الضجيج) هو استمرار الالتزام بالمنافحة عن لاعب النادي المفضل، وأن الخطأ البسيط جداً - من منظور ذلك المنافح - الذي ارتكبه، لا يشبه الخطأ الشنيع الذي ارتكبه لاعب الفريق الآخر، هذا عدا إعادة تدوير اسطوانة العلاقة بين (الوطنية) و(الكورة) وكأن مشكلاتنا قد تلاشت جميعها ولم يتبقَ سوى مسألة تحديد العلاقة بين الكرة والوطنية ؟!!.
** هذا الكم الكبير من التباين في الطرح حد التنافر تجاه قضية تتعلق بالمنتخب، وبهذه الكيفية، هو بمثابة الدعم لموقف المتسبب فيما حدث ويحدث، وإخراجه من مأزقه.. كيف؟؟.
** من المتعارف عليه أن الاختلاف العميق للآراء حول قضية ما، واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى تعدد الآراء، إنما هو بمثابة خلق المتاهات التي من شأنها تسهيل عملية توزيع الأسباب هنا وهناك، وبالتالي يكون نصيب المتسبّب الرئيسي فيها من المسؤولية مثل نصيب الذي لا ناقة له فيها ولا جمل، وربما أقلّ!!.
** مما تقدم يتبيّن أن (الطاسة ضايعة)، وستظل كذلك إلى ما شاء الله، ليس على صعيد إدارة واقعنا وشأننا الكروي رسمياً فحسب.. وإنما على صعيد إدارة رؤانا وأفكارنا (النقديّة) تجاه قضايانا الرياضية، وبخاصة تلك التي تتطلب قدراً أعلى من التركيز وتوحيد الرؤى والأفكار التي تساعد على اجتثاثها، لا إلى العمل على إدامتها وتكريسها، وتوفير المناخ لنشوء تفريعاتها ومثيلاتها بين الفينة والأخرى بغرض إيجاد (جنازة) نمارس فيها اللطم كلما دعت الحاجة؟!!.
** ابدؤوا بأنفسكم.. أصلحوا وصحّحوا مواقفكم تجاه قضايانا قبل أن تطالبوا الجهات المعنية بإصلاح وتصحيح شؤونها ومخرجاتها، انسوا ولو لمرة واحدة تقديم المصالح الخاصة على العامة، وسترون حينها سرعة استجابة من يعنيهم الأمر لتحقيق التطلعات.
** لكي يحترمكم ويثق فيكم الشارع الرياضي.. حاولوا ولو لمرة واحدة ممارسة التمرّد على تعليمات (المعازيب)، لكي تُقنعوا المتلقي : حاولوا ولو لمرة واحدة تغليب المصلحة العليا، وكفى.
صغار الزعيم.. منجم الزعامة
** أن يحقق هذا الفريق أو ذاك بطولة، فلا عجب ولا غرابة طالما أن طلب الكسب والسعي له هو ديدن الجميع.. ولكن تظل ثمة اعتبارات تتميز بها بطولة عن أخرى، ومنجز عن آخر.
** من هنا يجدر بنا تهنئة الزعيم وعشاقه، ليس لأن صغاره قد حققوا بطولة الدوري للمرة الثالثة عشرة في تاريخه كرقم قياسي، فحسب، ولكن لأنهم أنهوا الجدل حوله قبل نهايته بأربع جولات مع ما يحمله ذلك من معانٍ ومدلولات.
** ولأنهم حققوا من خلاله عددا من الأرقام القياسية غير المسبوقة، والتي يصعب تكرارها، ناهيك عن صعوبة كسرها.
** فهنيئاً للزعيم ورجالاته وجماهيره وكافة منسوبيه إنجاز أبطال المستقبل، وتحية للرجال الذين تعهّدوا هذا الفريق الرائع، إدارياً، فنياً، وإشرافاً.