د. خالد محمد باطرفي
علق المذيع اللبناني، بعد لقاء شاركت فيه مع ممثل للحوثيين وأطراف مناوئة: أنتم السعوديين شديدو التهذيب و»آخر روقان»!
فهمت مغزى عبارته، فأجبت: لعلك تقصد أن صفة «العرب ظاهرة صوتية»، التي أطلقها المؤرخ «السعودي» عبدالله القصيمي، لا تنطبق علينا!
أومأ برأسه موافقًا، فأكملت: «الناس على دين ملوكها» والإعلامي يتمثل في خطابه ما عهد عليه ولاة أمره.
الخطاب المعادي كان دائمًا متشنجًا. فمنذ العهد الهاشمي في الحجاز والعراق، وما تلاه من عهود قومية وبعثية وناصرية واشتراكية، ونحن مستهدفون من أبواق الأنظمة والأحزاب المعادية. ولكن المملكة بكل ما اتُّهمت به من رجعية، وما وصفوا به أنفسهم من تقدمية، حافظت في خطابها على خط عقلاني، منطقي، متخلق بقيم الإسلام وشيم العرب.
ويذكر الأمير محمد الفيصل في مذكراته أن والده وبخه مرة لأنه دعا على عبدالناصر، كردة فعل عفوية على خطاب مذاع مسيء للمملكة ورموزها، فقد كان الفيصل يمنع التعرض لأي قائد عربي مهما كانت الأسباب. هذا كان ديدن المؤسس الملك عبدالعزيز مع خصومه، وعلى هذا النهج سار أبناؤه ودولتهم.
واليوم يشتد الخطاب المعادي سفاهة مع دخول أبواق إيران ومليشياتها ومن ترعاهم من جماعات إرهابية (سنية وشيعية) على الخط. ولكن العقل والوجدان العربي لا يزال يميز بين خطاب يحترم فكره ومشاعره، وآخر يعامله كقطيع يلهبه الصراخ والعويل، وتقنعه الأكاذيب والمزايدات. وفي المقابل، يتكلم سلمان الحزم ورجالاته كسعود وتركي الفيصل وعادل الجبير ومحمد بن نواف ود. عبدالله المعلمي وعبدالله بن فيصل بن تركي واللواء منصور التركي والعميد أحمد عسيري، معبرين بوضوح واختصار (فخير الكلام ما قل ودل) عن مواقف المملكة من القضايا الخلافية، وبأسلوب يتسم بالمنطق والرصانة، بالهدوء والثقة.
نعم، قد لا يناسب ذلك من تجذبهم العبارات الرنانة والأصوات العالية، وتلذ لهم الكلمات الجارحة والألفاظ السوقية، ولكنه ينال احترام من نستهدفهم من أصحاب العقول والمبادئ والخلق الكريم.
تعلمنا، نحن الإعلاميين والمثقفين، في هذه المدرسة العربية الإسلامية أدب الحوار وفقه الاختلاف، حتى مع المختلف المتعدي، فكان ما لفت انتباهك من تأدبنا و»روقان» خطابنا أمام سفاهة ما يسمى بمحور «الممانعة» وفريق «المقاومة»، عملاء إيران.
لم يعلق صديقي اللبناني، ولكن ابتسامته وشت بتقدير واحترام علينا أن نحافظ عليهما، فلا ننجر في مناظراتنا التلفزيونية وخطابنا الإعلامي إلى المستنقع الذي يراد استدراجنا إليه. فنحن على ما نحن عليه؛ لأننا أصحاب حق وخلق. والهدوء الذي نتمتع به انعكاس لحالة الثقة بقيادتنا والاطمئنان إلى عدالة قضيتنا والثقة بنصر الله.
بقي أن أقترح على وزارة الثقافة والإعلام تحسين أداء وحصيلة واجهاتنا الإعلامية من كتاب ومعلقين بدورات تدريبية ومعلومات محدثة ولقاءات دورية مع المسؤولين والمتحدثين الرسميين، مع تشجيعهم على المشاركة في المناسبات الدولية المناسبة لتخصصاتهم وخبراتهم ومهاراتهم العلمية واللغوية. فـ»الكلمة الطيبة» بحاجة إلى معلومة دقيقة وتبليغ محترف.