موضي الزهراني
من واقع مسؤوليتي عن ملف العنف الأسري في برنامج التحول الوطني، تواصلت معي إحدى المُبتعثات لإفادتها ببعض الدراسات والإجراءات المحلية المتخذة لحماية المُعنفات وأطفالهن، وذلك لاستكمال إجراءات بحثها العلمي عن العنف الأسري، وأثارت معي جانباً مهماً تتعرض له بعض السعوديات المُبتعثات للدراسة في الخارج من « المحرم المُرافق لها في البعثة « وتتساءل ما هي صلاحياتنا في التدخل لحمايتهن من خسارتهن لاستكمال دراستهن عندما تتقدم بشكوى ضد محرمها الذي يُعنفها؟ حيث للأسف الشديد يحدث ماهو أقسى من تعرضها للعنف للأسباب التالية:
1 - عندما تتعرض الطالبة السعودية المُبتعثة للعنف من محرمها الذي يكون غالباً « الزوج « فإنها أمام خيارين، فإما تقوم بتقديم شكوى ضده وسيتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقه عاجلاً كمثل إصدار أمر حماية ضده وإبعاده عن مسكنها، وفي حالة تكرار العنف يتم ترحيله للسعودية بعد تبليغ الملحقية الثقافية في السفارة.
وهذا الإجراء قد يُعرضها لخسارة بعثتها وإيقافها من وزارة التعليم، عندما يتجه فوراً « محرمها المُعنف لها « حال عودته للوطن للوزارة طالباً إيقاف بعثتها لأنه تركها لوحدها، ورفضت العودة معه، ولا يرضى في بقاء زوجته أو ابنته وحيدة بدون محرم في الخارج!
2 - أو أنها تلتزم الصمت، وتلجأ لإحدى الملاجئ المخصصة للنساء المُعنفات في تلك الدولة، وتستكمل دراستها تحت ضغوط كثيرة، ومخاوف من اكتشاف أمرها من أسرتها أو أقاربها، أو من تعرضه لها بالعنف مرة أخرى وبشكل أشد، لأنها هربت لمسكن آخر بدون علمه أو رضاه!
3 - وأسوأ الحالات تلك الفئة من المُبتعثات اللاتي يتعرضن للعنف، ويلتزمن الصمت خوفاً من الفضيحة، وخجلاً من وضعهن، لكن يتم اكتشاف أمرهن من الجهات المسؤولة عن ذلك، من خلال تبليغ الجيران، أو زميلاتهن، أو الكلية التي تكتشف وضعهن وآثار الضرب الجسدي الواضحة عليهن!
هذه النماذج المؤسفة لطالباتنا المُبتعثات، لابد أن تتدخل وزارة التعليم لحمايتهن وحماية حقوقهن المشروعة لهن وهن في بلاد الغربة، وذلك بالتنسيق مع الملحقيات المختلفة في تأمين وضعهن والاطمئنان عليهن بشكل دوري، ومنحهن حق الحماية والأمان واستكمال دراستهن والعودة للوطن معززات مُكرمات! فالمرافق المُبتعث مع المُبتعثة يُمنح مميزات كثيرة بسبب الموافقة على بعثتها، حيث يُصرف له مكافأة، ويستطيع إكمال دراساته العليا، أو ينضم لإحدى المعاهد للغات وغيرها من المميزات! لكن ليس من العدل أن يكون له صلاحية إيقاف بعثتها وهو مُعنفاً لها ومعاقباً بترحيله لوطنه بسبب ذلك! فالأمر يحتاج لإعادة دراسة من أجل حماية أقوى للمبتعثات المُعنفات يا وزارة التعليم!