د. خيرية السقاف
لم يكن الوقت لأمر غير أمر أن تكون الكلمة فيه لكم, ومنكم..
كنا قد تحدثنا عن علاقة الكلمة بالقارئ, لا علاقته بكاتبها إلا حين تنصهر به, وينصهر بهما قارئها..
لأن الكلمة محراث, وبذرة, ومثقاب, ووتد, من ثم هي زرع, وثمر..
كما أنها قاعدة, وبناؤها, وسقف, وجدار, وهي طريق, ومورد, ومآل, وحصاد..
و في حين أن تكون اليد فإنها تقود للطريق..
والبوصلة فإنها تهدي إليه..
وهي أيضا مصباح, في حين تنبت في الضمير تنطلق من العقل للعقل..
تأبى استراحة الظل إلى صهد الشمس, وساحة الدرس..
في حين يكون الحديث بها عن الأخلاق في العامة من الناس, يتهافت المجروحون من عرائها المستجد في واقع الناس..!
فالأخلاق _أسفا_ قد ركبت موج التغيير الذي هاج به بحر الواقع, فكما عم الفضح في الأردية والثياب, ولحق التزييف بملامح الوجوه, والأجسام, فقد مس الأخلاق هذا الزيف, ونقضت الكثير من دعامات بنائها, وقوضت عديد من أركان سلوكها.. !
وكما لا تعرف حقيقة ما تقابل من الوجوه مما تغير, بت لا تميز ما تحت الأقنعة في ميدان الأخلاق إلا حين تحتدم المواقف الحاسمة فتجدها قد هش بناؤها, وخوى جرابها, وتيتمت في ثلة من الناس قليلة
لكن المُسْتشرَف أن الموج يمد ليأخذ الكثير, ويجزر..
موج عصر الزيف
بكل قواه تتنامي مهارة التزييف فيه على أشدها..
لكن المُطمئن للنفوس الوجلة عليها, أن الكلمة حين تأتي عن الأخلاق, فإن الثلة النابهة تنبري في وعي, وتدلي بإدراك, في تعقيب مكتوب,أو مسموع, أو مباشرة,..
مما يؤكد ثبات خيرية هذا المجتمع,
ففيه من يأخذون على عاتق أمانتهم المسؤولية عنها,
ذلك لأن الأخلاق عصبة مكينة في عجين الفكر, والقيم, والتعليم, والمقاصد, والسلوك..
في التعامل, والحقوق, والواجبات..
في التفرد والشراكة, وفي أوجه الطريق,
وأنهم يحرصون على أنه لا ينبغي نسيانها في معمعة كل شيء.
كما ينبغي أن تكون في مقاصد, وتنفيذ التنشئة, والتربية, والتعليم, والثقافة العامة..
كذلك هي جزء من واجبات الكتاب, والمفكرين, ليأخذوا على أنفسهم التركيز عليها فيما يكتبون.
القارئ النابه, بوعيه العميق, وإدراكه البعيد, باستشرافه الشفيف, وحرصه الأمين يقول هذا.