إبراهيم بكري
العالم الألماني كورت لوين مؤسس علم دينامكية الجماعات سنة 1944م قبل أن يموت كان يدرك أن أي «تطوير» في المنظومة الإدارية يولد معه «مقاومة» داخلية وخارجية، تعارض أي تغيير في الواقع الراهن.
لا غرابة في «المعارضة» لكثير من القرارات التي اتخذها الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية لتطوير رياضتنا.
أمر طبيعي أن تجد من يعارض الرئاسة في مشروعها التطويري؛ لأن التغيير سوف يتعارض مع مصالح أفراد أو جماعات، مصلحتها أن تبقى رياضتنا كما هي مترهلة بدون أي حراك؟؟!!
قبل سنة في إبريل 2015م قرر رأس الهرم في رياضتنا فتح الباب لأكبر مرحلة تاريخية لتطوير الرياضة السعودية، بتشكيل خمس فرق عمل لدراسة عدد من القضايا ذات الصلة بالخطط التطويرية التي تعتزم الرئاسة العامة لرعاية الشباب تنفيذها في القطاع الرياضي، من ضمنها فريق دراسة العدد المناسب للأندية في المملكة ونوعها، برئاسة عادل البطي.
المصابون بفوبيا «التطوير» علقوا المشانق لهذا الفريق في يوم المؤتمر الصحفي عندما تكشفت خارطة طريق «التغيير» بين أندية ممارسة ومنافسة.
ثلاثة أشياء لا أكثر هي أسباب معارضة أفكار «عادل البطي» وفريقه:
غياب المعلومة، الخوف ونقص الحوافز!!
الشركاء في التغيير من أندية ولاعبين وأجهزة إدارية وأعضاء شرف يعانون من نقص المعلومة حول هذا المشروع؛ ما تسبَّب في خوفهم من المستقبل حول فقدان سلطتهم وانخفاض تأثيرهم في محيطهم في ظل شعورهم بغياب الحوافز المعنوية والمادية التي تجعلهم يتكيفون مع مرحلة التغيير؟؟
من الجانب الشخصي، أرى أن الرئاسة في يدها «منتج» ناجح ومشروع وطني طموح، يحتاج فقط إلى تسويقه بطريقة أفضل مما حدث في «المؤتمر الصحفي». فريق العمل ظلم نفسه كثيرًا بعرض الشرائح الفقيرة رقميًّا وإحصائيًّا. ليس هناك أي شك في أن الزيارات الميدانية حبلى «بالأرقام»، لكنها لم تستثمر في العرض المرئي، لماذا؟؟
قصة ناد لا يملك طاولة تنس واللاعب الوحيد في كرة اليد قد تصنع «الدهشة»، لكنها لن تخدم فريق العمل والرئاسة لإقناع المعارضين للتطوير. الأمر يحتاج لشرائح إحصائية ومقارنات بتجارب ناجحة وأسباب علمية للتطوير ودوافع وطنية ومخاطر صحية.. كل هذه الجوانب يملكها فريق العمل، ولكن لم يستثمرها!!
من الواضح أن المشروع السعودي يحاكي التجربة الأمريكية في تقنين عدد الأندية المنافسة في مختلف الرياضات الجماعية، إلى جانب مراكز مختصة للألعاب الفردية.
32 فريقًا للمحترفين فقط في كل أنحاء أمريكا، يتنافسون في دوري كرة القدم الأمريكية، وفي دوري كرة السلة 30 فريقًا.
لكي ينجح مشروع فريق دراسة العدد المناسب للأندية في المملكة ونوعها عليهم أن يهتموا «بالتجربة الأمريكية» من مختلف جوانبها.
في أمريكا دوري المدارس الثانوية والجامعات يعوض قلة عدد الأندية التنافسية. يجب أن تحرص الرئاسة على تفعيل الشراكة مع وزارة التعليم للنهوض بالرياضة المدرسية والجامعية.
«أندية ممارسة» أم «أندية تنافسية» فكرة رائعة من الرئاسة، لكن يجب أن يكون لهذا التصنيف إطار واضح، يكشف لنا نوعية النادي. على سبيل المثال:
أندية المحترفين التنافسية
أندية الهواة التنافسية
أندية الهواة للممارسة
لا يبقى إلا أن أقول:
لتجاوز أي مقاومة للتطوير في المنظومة يقول كورت لوين صاحب نظرية «تحليل مجال القوى»: تحتاج لثلاث مراحل:
مرحلة التهيئة وإذابة الجليد، مرحلة التغيير ومرحلة التثبيت والتدعيم.
الرئاسة العامة لرعاية الشباب منحت «مشروع الأندية» سنة كاملة لتراقب الأداء، وهذا يكشف عمق رؤيتها؛ لكي يذوب جليد المعارضين، ويأتي التغيير بتدعيم جميع الوسط الرياضي.
الأمريكية سونيا جونسون تقول «شخص واحد عاقد العزم يمكن أن يقوم بعمل تغيير كبير. ومجموعة صغيرة من الأشخاص عاقدو العزم يمكنها أن تغير مسار التاريخ».
فهل يكون عبدالله بن مساعد الأمير «العازم» وعادل البطي ورفاقه الأشخاص «العازمين» لتغيير مسار تاريخ الأندية السعودية لمرحلة تطويرية مشرقة؟؟!!
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصـحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميل بروحك. وشكرًا لك.