جاسر عبدالعزيز الجاسر
اختتم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز زيارة تاريخية لجمهورية مصر العربية، سيظل المصريون والسعوديون والعرب جميعاً يتذكرون تفاصيلها وإضافاتها الإيجابية التي رفدت العمل العربي المشترك ورسخت الشراكة الاستراتيجية بين السعودية ومصر التي تشكل قاطرة العمل العربي المشترك، إذ يؤكد العديد من المفكرين الاستراتيجيين والسياسيين والاقتصاديين والباحثين في مراكز البحوث الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية أن التحالف المصري- السعودي سيشابه التحالف الفرنسي- الألماني الذي قاد القارة الأوروبية إلى التكامل الذي يسبق التوحيد، وكذلك ستكون قاطرة التحالف السعودي المصري الذي سيكون القاطرة التي ستقود الدول العربية إلى مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق وصولاً إلى التكامل المنشود.
زيارة الخمسة أيام التي قضاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفلت بالكثير من الإضافات الإيجابية التي ستنتج واقعا جديدا يزخر بالكثير من الإضافات التي تعزز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية ليس في المجالات الاقتصادية التي كانت الصفة الطاغية على ما تم عقده من اتفاقيات ولكن ما ستشكله تلك الاتفاقيات من ربط استراتيجي بين البلدين، وقد توالت الإضافات التنموية المهمة التي حفلت بها الزيارة، فبعد توقيع إقامة الجسر البري الرابط بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، أعلن عن إنشاء وإقامة المنطقة التجارية والاقتصادية الحرة بين البلدين في شبه جزيرة سيناء، وستسهم هذه المنطقة في تنمية شبه جزيرة سيناء وتضاعف التبادل التجاري بين البلدين الذي سيشهد طفرة متقدمة، خاصة بعد توقيع اتفاقية عدم الازدواج الضريبي والاهتمام بتطوير المشروعات الزراعية في سيناء، ووجود مكامن صناعية ومعدنية كثيرة في شمال المملكة العربية السعودية التي ستكون متصلة بالمناطق المصرية المماثلة في شمال سيناء عبر الجسر البري.
كل هذه الإنجازات لا تقتصر على مصر والسعودية بل تمتد لتعزيز القوة العربية التي تضع أساس التحرك المستقبلي للأمة العربية من خلال وضع أسس العمل المشترك، من خلال اعتبار التعاون السعودي- المصري خارطة طريق لمستقبل العمل العربي، وهذا ما أكده العديد من المفكرين والخبراء، رغم كل هذا إلا أن بعض أصوات النشاز الذين يمارسون نمطاً من المعارضة المرتزقة يشككون فيما تحقق ولم يجدوا للتدليس على الشعب المصري سوى تشكيكهم باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، ورغم أن بيان مجلس الوزراء المصري الصادر في 9 أبريل- نيسان عام 2016 الذي وضح بدقة الأسس القانونية والتاريخية لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، مشيراً إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، والقرار رقم 27 لعام 1990 لم يشر لجزيرتي صنافير وتيران وأخرجهما بالفعل من البحر الإقليمي المصري، وهناك الكثير من الدراسات والوثائق التي تؤكد ملكية المملكة العربية السعودية بجزيرتي صنافير وتيران، ومنها وثيقة مصرية رسمية تمثلت في إخطار مصر للأمم المتحدة بقياس البحر الإقليمي المصري في عام 1990 وتأكيد ذلك الإخطار بعدم ادعاء مصر السيادة على الجزيرتين، كل ذلك وتاريخ الجزيرتين يؤكد أن تناول بعض المزايدين وتوجيه ادعاءات ظالمة بالتنازل عن الأرض مقابل المساعدات، تهمة رخيصة وإهانة بالغة للشعبين المصري والسعودي، وبالذات الشعب المصري الذي عبر بصدق ودون لبس عن محبته وتقديره للسعودية جمعاء من خلال ما قام به ممثلو الشعب المصري في البرلمان المصري الذي استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطوة ومبادرة فريدة لم يحظ بها من قبل أي ملك أو رئيس زار مصر.
عموماً زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تمثل لبنة وإضافة قوية لمسيرة التكامل العربي واستعادة الهيبة والقوة العربية التي يقودها ويجسدها ملك الحزم والعزم الذي سيستكمل مسيرة تعزيز الهيبة والقوة العربية برفد مسيرة العمل والتعاون الإسلامي من خلال القمة الإسلامية التي ستشهدها تركيا التي ينتقل إليها من القاهرة، مواصلاً عمله الدائب لخدمة القضايا العربية والإسلامية.