أمل بنت فهد
يبدو هذا الكم الكبير من الأخبار والمعلومات مربكاً فقط لدى من يتحرى الدقة والمصداقية.. ومن لا يتحمل أن يكون بوقاً يردد ما يسمع دون أن يدرك.. أما البسطاء عادة فينقلون الخبر كما وصل، إن لم يضيفوا رأيهم الشخصي على أنه جزء من الحدث.. وهكذا تكبر كرات الثلج الكاذبة.. وتدفن معها الصدق والحقيقة.
يبدو أن نشوة تصدر المجالس.. ومواقع التواصل الاجتماعية تدفع المشاركين صوب حتفهم فيما يخص الثقة.. ولا يدرك الناقل للخبر حجم مجازفته.. إلا وهو يرفع ركام الخزي الذي دفن رأيه تحت حطام الكذب الكسول.. لأنه تكاسل عن البحث.. تكاسل عن التأكد.. تكاسل عن السؤال.. لم يدرك معنى أن يكون مصدراً أو ناقلاً لإشاعة قد تنحر مسيرته الاجتماعية والمهنية إن كان صحفياً.
فكم رسالة وصلتنا يمكن أن تفهم من صيغتها أنها ليست حقيقية.. ومن محاورها أنها مغرضة.. ومن غياب الهدف أنها كيدية.. وبرغم ذلك يتم تداولها بكل سطحية!
الإشاعة تولد وتكبر في المجتمع الكسول أو الساذج.. وأغلب الإشاعات قوامها هش جداً.. ويمكن لأول سؤال منطقي أن يحطمها.. وقليلاً بل نادراً ما تكون متماسكة للحد الذي تشبه فيه الحقيقة.. خصوصاً وأن المصادر الموثقة متاحة بضغطة زر.. مع قليل من التريث.. فكيف لأحدٍ أن يكون ضحية بل مطية لخبر كاذب؟!
وما هو شعورك تجاه المرسل الذي يملأ جهازك بالأكاذيب.. والأخبار الأشبه ما تكون بسوالف ضحى دارت بين مجموعة أمية.. لم تعرف من الحياة تكنولوجيا.. بل هي في عزلة تامة لا تدرك ما يدور حولها.. فكيف لها أن تدرك ما يحدث بعيداً جداً عن نطاقها..!
لذا تحرى قبل أن تضع نفسك في مكان المغفل.. والمندفع بشهية العالم بواطن الأمور.. وأخبار الناس.. لا تهين عقلك بمحاولة إثارة عواطف الناس تجاه قصة لا تعرفها ولم تشهدها.. فرق بين رأيك الشخصي وبين مجريات الأمور.. وتأكد قبل أن تفرج عن رأيك.. احبسه قليلاً أو أبدياً.. فإنه بمجرد أن يخرج للعلن يمكنه أن يذلك ويحرجك ويشوه صورتك.
تحدث بما تفهمه جيداً لتبدع فيه وتخطف الأنظار.. وتشبع ذاتك من الأضواء التي تشتهيها.. فلا عيب أن تسحب الضوء تجاهك.. إنما العيب يكون بالوسيلة التي تجذب بها الضوء.. وتذكر أن بقعة الضوء التي تخطب ودها.. قد تعريك تماماً.. وتفضح عيوبك.. فكن جاهزاً لها إن أردتها.