سعد بن عبدالقادر القويعي
حملت زيارة - الملك - سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة أبعاداً أكبر مما تم الحديث عنه في الأوساط السياسية، والإعلامية؛ لأنها وضعت الخطوط العريضة للسياسة الإقليمية، وساهمت بفاعلية في الشؤون الدولية، لكونها مثلت انطلاقة حقيقية؛ لمواجهة تحديات غير مسبوقة تهدد أمن، واستقرار المنطقة. ويكفي أن من ثمرات تلك الزيارة أنها كانت أكبر رد على المشككين في عمق العلاقات بين البلين، وهي رسالة للعالم - كله - بأن مصر، والسعودية على قلب رجل واحد.
لا أبالغ إن قلت: إن هذه الزيارة تعد من الأحداث التي يجب أن يسجلها التاريخ؛ نظراً لأهميتها، حيث اشتملت على توقيع أربع وعشرين اتفاقية، وتسع مذكرات تفاهم، وثلاثة برامج للتعاون، بجانب الإعلان عن تأسيس بعض الشركات المشتركة؛ لتطوير مناطق اقتصادية فى قناة السويس؛ ولتنمية الصادرات، وكذلك اتفاق إنشاء صندوق استثمار مشترك بقيمة «60» مليار ريال، وإنشاء منطقة اقتصادية حرة، ومشروعات إسكان، وكهرباء، وطرق، وزراعة فى سيناء؛ من أجل تنميتها.
ورغم أن العائد السياسي من هذه الزيارة أهم بكثير من العائد الاقتصادي، فقد تناولت ملفاتها قضايا الاستقرار، ومواجهة الإرهاب، أيا كان مصدره، أو راعيه، - إضافة - إلى أهمية الملفات الساخنة التي ناقشتها في ظل الأوضاع الإقليمية الملتهبة، - بدءا - من الأوضاع في سورية، - ومرورا - بعاصفة الحزم في اليمن، - وانتهاء - بمدارسة الأوضاع في ليبيا، والعراق. ولن أغفل ملفا في غاية الأهمية، وهو أن السعودية قد تكون عاملا في تقريب وجهات النظر بين مصر، وتركيا، بعد أن توترت العلاقات بينهما - في الآونة الأخيرة -.
من جانب آخر وفي خطوة تاريخية تعد الأولى من نوعها لربط شطري العرب، - والقارتين - الآسيوية، والإفريقية، تم التوقيع على إنشاء جسر بري يربط بين المملكة ومصر، من شأنه أن يرفع التبادل التجارى بين البلدين، وخطوة كهذه تعتبر دليلا حيا على توافق الإرادة السياسية بين البلدين على أعلى مستوي، - ولاسيما - وأن المشروع سيخلق مئات من فرص العمل، وسيؤدى - بالطبع - إلى زيادة الصادرات المصرية إلى الدول العربية فى شبه الجزيرة العربية.
أهم مكاسب الزيارة - في تقديري - تمثلت في وحدة الصف، والكلمة بين الشقيقتين مصر، والسعودية، وهو ما عبّرت عنه الأمانة العامة لهيئة كِبار العلماء بالزيارة التاريخية، وما نتج عنها من توقيع عدد من الاتفاقيات التي تصب في مصلحة الشعبين الشقيقين، والعالمين - العربي والإسلامي -، لكونها تنطلق من مبدأ عظيم من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي حثّ على التعاون، والتكاتف؛ من أجل انتظام مصالح العباد، وتحقيق رضا رب العالمين، وبالتعاون تسعد الأمة، ويقوى البنيان، وهو سلاح ماضٍ، وعدة عتيدة تنفع - بإذن الله - في السرّاء، والضرّاء.