سعد بن عبدالقادر القويعي
اعتراف تنظيم داعش الإرهابي بأنه المحرك الرئيس لتفجيرات بروكسل، سيعزز من فرضية ما يعرف بالإسلاموفوبيا، ما يزيد العداء للإسلام، والمسلمين -في توقيت حرج-. وهو مصطلح لمعنى أصيل لدى الغرب، أي: العداء لكل ما هو إسلامي، وقد ينسحب -هذا المفهوم- على كل القرارات، التي تمتطي هذا السلوك خارج هذه المناطق على الصعيد العالمي؛ للتعبير عن ظاهرة الرهاب، أو الخوف المرضي من الإسلام، واستغلاله أيديولوجيًّا؛ لتعبيد الطريق أمام الحملات القادمة على الإسلام، بعد أن دخل في أجندة وسائل الإعلام الغربية.
في الأصل، كان من أبرز أعراض ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، ومظاهرها الطعن في رسالة الإسلام، وهدم صورته حول العالم، وتشويه معانيه، وقيمه السامية، ودفع الكثيرين إلى معاداة المسلمين، والاعتداء عليهم، وهو ما عبّر عنه -المفكر الأمريكي- «جون اسبوسيتو»، الذي حاول رصد هذا العداء، بقوله: «لقد أصبح الأمر بمثابة فرض غشاوة من الجهل على رؤية الغرب للإسلام، وللحضارة الإسلامية، وأصبحت الصورة النمطية عن المسلم أكثر أريحية عند رجال المراكز البحثية، فهو في كلمة واحدة الإرهابي، وهو ما يغني رجال البحث، والدرس عن التفكير العميق؛ لاستجلاء حقائق الأمور، والدوافع الأصلية وراء ظواهر الإرهاب.
هذا الرعب لم يمتد صداه إلى أرجاء بلجيكا -فقط-، بل تجاوز الحدود، وعبَر القارات من خلال لائحة التهم، التي تستقي مدادها من محبرة الحقد، والعداء، والتي تعمل جهات معينة على نشرها، وتعميمها، ما حدى بالمركز الأوروبي لمراقبة العنصرية، وكراهية الأجانب في ديسمبر 2006 م، أن يصدر تقريراً بعنوان: «التمييز العنصري، والتخوف من الإسلام»، وفيه: تحذير العديد من القادة الدينيين الغربيين من خطورة تنامي الإسلاموفوبيا، ودعوة صريحة إلى منع المتشددين الدينيين في كل الأديان من تبرير العداء للأديان، أو تبرير أعمال إرهابية يقوم بها أناس تحت غطاء ديني.
عند تحليل ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، سنجد أنها موقف سياسي عنصري، له جذوره القائمة على المحددات الأنثروبولوجية للشعوب، التي انتشر فيها الإسلام، - وبالتالي - هي ظاهرة تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، وخطراً على التماسك الاجتماعي في المجتمعات الأوروبية؛ ونظراً للأهمية الحاضرة، والمستقبلية، وما يمكن أن تسببه، أو تنتجه هذه التصورات، والأفكار، وبروز أعداد من الطرفين تحركها مشاعر الكراهية، التي تحاول أن تفرضها على جمهور المجتمعات المعتدل -غالباً-، فإن الحفاظ على المكتسبات التي تسترعي اهتمام الغرب في هذا المجال الحيوي، يعتبر مكسباً في غاية الأهمية.
ولأن نقاط الاصطدام، والمواجهة تفوقت -كمًّا وكيفًا- على نقاط التلاقي -اليوم-، فإن التأكيد على ضرورة تعريف «الإسلاموفوبيا»؛ ليكون له انعكاسات في النظام القانوني، والاجتماعي بنفس مستوى معاداة السامية في أوروبا، والعمل على إبراز الحقائق حول الإسلام بعدد اللغات المختلفة، سيسهم في فضح البنية الأيديولوجية لجماعات الإرهاب، وسيقطع الطريق أمام شانئيه؛ للحيلولة دون تشويهه كمعتقد، ودين، والحيلولة دون تأجيج نار الصراعات الدينية، وهذا -بلا شك- يحتاج إلى عمل مؤسساتي منظم، تقوم به مؤسسات، ومراكز دراسات بحثية، تدافع بها الآلة الإعلامية الغربية.