خالد بن حمد المالك
آثرت أن أكتب عن زيارة الملك سلمان التاريخية لمصر بعد اليوم الأخير منها، فقد كان برنامج الزيارة حافلاً ومهماً، وإيقاعه سريعاً ومؤثّراً، وربما كان الحديث عن الزيارة بعد استكمال أيامها الخمسة أكثر ملامسة للقيمة التي مثلتها بنتائجها، وردود أفعالها، وعمق حفاوة الاستقبال بحميميته الذي شاهدناه يوماً بعد آخر.
* * *
فمن الترحيب الشعبي والرسمي غير العادي لضيف مصر الكبير، إلى البرنامج الحافل الذي أعد بعناية للزيارة، ومن التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات بين الحكومتين، وبين القطاعين الخاصين في البلدين، إلى اهتمام إعلامي غير مسبوق بالزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
* * *
فهنا في القاهرة كان لا حديث إلا عن الزيارة، عن التنسيق والتعاون بين البلدين، عن تلك الروح التي سادت المباحثات بين الملك والرئيس، وما يمكن أن يبنى عليها لتحقيق المزيد من التكامل، باتجاه تحقيق الشراكة التي تعبِّر عن اللحمة الواحدة بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
* * *
وأمام هذا الزخم في مظاهر الاستقبال والترحيب الذي جرى للملك سلمان، وتلك الاتفاقيات المهمة والمتعددة التي وقّعت من الجانبين، فقد كانت أصدق تعبير، بما لا تعبير بعده عن حالة الوفاق سياسياً وأمنياً واقتصادياً بين أكبر دولتين عربيين مؤثّرين في المنطقة، ما يعني أننا نتحدث عن زيارة ليست ككل الزيارات، وعن شراكة وتكامل حقيقيين بين المملكة ومصر.
* * *
بشكل عام، بنظرة سريعة، وبكلمات مبسّطة، يمكن النظر إلى الزيارة من وجوه عدة، ومن زوايا مختلفة، من قيمتها الأخوية، ومن تكاملها بين دولتين شقيقتين، فقد ظهرت القاهرة بشكل مختلف عمَّا اعتادت عليه، وبوجه غير الوجه الذي نعرفه عنها، فقد صحت مع بدء الزيارة وإلى يومها الأخير على مشاهد لقرارات ترسم خريطة جديدة من الشراكة بين القاهرة والرياض.
* * *
هناك تفاصيل كثيرة عن الزيارة، ومفاجآت سارة أعلن عنها، وقرارات عزّزت من اللحمة التي تجمع بين شعبين شقيقين، ودروس على القادة الآخرين أن يحاكوها ويتعلّموا منها من أجل مستقبل أفضل لدولهم وشعوبهم، كما فعل الملك سلمان والرئيس السيسي، فالمرحلة والتطورات بالمنطقة تدعو الجميع إلى أخذ المبادرات والقرارات المناسبة التي توفر الأمن والاستقرار للدول والشعوب.
* * *
كانت الأيام الخمسة في عين المتابع، رصداً لكل خطوة، ومتابعة لكل قرار، ومواكبة بالتحليل والقراءة لكل اتفاق أبرم بين الجانبين، شارك في ذلك الإعلام بكل وسائله المشاهد منها والمسموع والمقروء، وبما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الأكثرية الشعبية على مستوى المنطقة والعالم، ما يؤكّد أهمية الزيارة وتأثيرها، والنظر إليها بوصفها زيارة تركت بصمة غير مسبوقة في العلاقات الثنائية بين الدولتين.
* * *
لم ندخل بعد في تفاصيل التفاصيل عن الزيارة، ولم نقل ما ينبغي أن يُقال عنها، وما زلنا نكتب عن الأجواء، وعن إضاءات عنها، عن تلك الصور الجميلة، والمشاهد الرائعة، عن فرح الشعب المصري بلقاء سلمان في أرض الكنانة، وعن تأثير الاتفاقيات في رسم صورة لمستقبل العلاقات السعودية التي تسير نحو الأفضل، وتؤسس لما هو أبعد في عمقها وقيمتها وتأثيرها.
(يتبع)