سعود عبدالعزيز الجنيدل
انزعوا هذا المصل عني، وأعطوني مذكراتي، أريد أن أكمل رسالتي، فهذه رغبتي الوحيدة، لا تهمني حالتي، أمستقرة أم متردية، كل ما أريده هو الكتابة لها. هل يصعب عليكم تحقيق هذا الأمر لي، أم تراني أطلب المستحيل!!
ابنتي
يكفيني أن أكون حبراً على دفاترك، لا أمانع لو بقيت حبيساً في أدراجك، يكفيني أنك ستقرأين كلماتي، صدقيني هذه أمنياتي، عندها سأكون موجوداً للأبد، فالمِداد الذي كتبت به كلماتي استلّ روحي، وأسكنها في أوراقك البيضاء، ستعرفيني من خلال كلماتي، ومن خلالها ستعرفي شخصيتي وأموراً كثيرة عني، كل خصلة، كل فعل، كل شيء أحببته، كل عادة جميلة كانت أم سيئة، كل حزن، كل فرح؟ كل إنجاز، كل إخفاق...
ابنتي
لم أكن الأب المثالي، بل كنت شخصاً من عوام الناس، كل ما فعلته هو إنكار نفسي ، ونسيان راحتي من أجلك، عملت كثيراً لكي تجدي كل ما تريدين، حاربت وقاومت الأعاصير من أجلك، ومازلت أتنفس من أجلك.
كنت كثير البعد عنك، قليل المكوث معك، ولسان حالك يتمثل بيت مالك بن الريب، حين قال على لسان ابنته
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي
سفارك هذا تاركي لا أبا ليا
أردت أن أروي لك قصصاً عني، ولكي أصدقك القول، هي قصص لم أكن أبدا بطلاً فيها، بل كنت ثانوياً.. كومبارساً، لم أسع أبداً لدور البطولة، كل ما تمنيته هو مساعدة الناس، ومشاركتهم أحزانهم قبل أفراحهم...
لا يهمني أن أكون بطلاً في نظرك بقدر ما يهمني أن أكون صادقاً معك، وعلى سجيتي..
كنت أتمنى أن تعرفيني من خلال الحياة، ولكن الكلمات ستحل مكاني...
وسأكون حيّاً بين سطور دفاترك، قد أكون على هامش حياتك المستقبلية، لا يهم ذلك كثيرا، بل المهم هو وجودي معك حتى لو كان وجودي في «فوت نوت» أو « مارقن».
هذا هو الألم يعاودني مرة أخرى، لقد قالوا إنّ العلاج سيريحك لنصف ساعة يومياً، فقلت لهم مخاطباً سأجعلها لها، فهي كل ما أملك، وهي كل ما في استطاعتي لأن أكون في وعيي لكي أكتب لك، فأنا أقاوم لأكتب.. أتنفس لأكتب… أعيش لأكتب…
أتراني أعيش لأكتب؟
أم أكتب لأعيش!!
أجدني حائراً، فلا أملك إجابة!
وسأكمل لك، فما زلت أملك نصف ساعة.. نصف ساعة أخرى في الغد..
يتبع .....
- ماجستير في اللغة والنحو