سعود عبدالعزيز الجنيدل
أصبت مؤخراً - حتى كتابة هذا المقال - بالتهاب في الحلق تسبب في انقطاع شبه كامل للصوت، وفي الحقيقة هو أمر مألوف يكاد يصيب معظم الناس خصوصا مع تغير الأجواء.
ولكي أصدقكم القول معاناتي لم تكن بسبب ألم لا سمح الله، بل كانت في عدم قدرتي على المشاركة في
النقاشات بين الأصدقاء والزملاء، وهذا في حد ذاته أمر كبير بالنسبة لي؛ لكوني تعودت أن أصدع برأيي تحت قيد واحد، وهو مثل ما قال الدكتور الغذامي: أن تقول هذا رأيي أعرضه ولا أفرضه.
فكنت استمع للنقاشات، وعندي مداخلات لما يقال، لكن هيهات هيهات، فكلامي لن يصل للآخرين، وسيظل في داخلي، ولا سبيل لإخراجه.
هذه الحالة عادة لا تستمر بمجرد احتساء المشروبات الساخنة، وسماع نصيحة ابنتي «سارة» بعدم الكلام، يرجع الصوت كما كان في السابق، ولكن هذه الحالة جعلتني أتخيل نفسي، لو عشت ما تبقى من حياتي وأنا على هذه الحالة مما جعلني أتذكر فئة غالية على قلوبنا، وهم الناس العاجزون عن الكلام (الخرس).
فمجرد التفكير بهذا الأمر يصيبني الهم والغم، وبالنسبة للخرس، فإن شاء الله سيعظم لهم المولى الأجر والمثوبة.
صدقوني هي نعمة كبيرة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها، ولا ننسى أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، وصدق زهير حين قال:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
نعم الله كثيرة علينا لا تعد ولا تحصى، ويجب علينا شكر الله على نعمه الكثيرة، ومن ضمنها نعمة الكلام، قبل هذه الحالة لم أفكر يوما في هذه النعمة، وكنت استيقظ يوميا، وأذهب للعمل، وأتناقش مع الزملاء بصوت عالٍ.
وكم من نعمة منّ الله بها علينا ونحن غافلون عنها، فحري بنا شكر المولى على نعمه العديدة. قال تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}.
واذكر دائما ما وهبك الله، ولا تنظر إلى ما ينقصك، ومن الأمور الغريبة أنك تجد أحدا ما ينظر لمن هم أغنى منه وأكبر وجاهة في الأمور الدنيوية، وينظر لمن هم أقل منه في أمور الدين. وهذه معادلة غير متزنة، وإذا أردت الصواب فاعكس المعادلة السابقة، والفرق واضح بين الأمرين.
دائما ما أقول علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا.
ماجستير في اللغة والنحو