هاني سالم مسهور
دخلت الهدنة حيز التنفيذ في الساعة الأخيرة من يوم العاشر ابريل 2016م، وعلى رغم توالي أنباء الخروقات في عدد من جبهات الاشتباك، إلا ان هنالك أهمية حقيقية تكمن فيما سبق الهدنة اليمنية تتمثل أولاً في تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوكالة (دبلومبيرغ) عن اقتراب أطراف النزاع اليمنية من حلول للأزمة، مؤكداً أن الحوثيين متواجدون في الرياض لإجراء مباحثات تمهد للانتقال الحقيقي في العملية السياسية، ويمكن أيضاً أن يتم الإشارة في الجانب الثاني إلى التزام التحالف العربي بإيقاف العمليات العسكرية عبر تصريح المتحدث لقوات التحالف العربي العميد أحمد عسيري أكد فيه التزام القوات العربية بالهدنة وأنها ستلتزم بما اتفق عليه المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد مع أطراف النزاع اليمنية.
من الأهمية في هذا التوقيت الذي يقترب من الاستحقاق السياسي أن تكون كل الأطراف اليمنية واعية لما يجب عليها أن تقوم به على طاولة المباحثات السياسية في الكويت، وعلى الأطراف اليمنية أن تدرك أن إطار التهدئة على الأرض هو الذي سيؤسس للمرحلة السياسية التي توافقت عليها تلك الأطراف المتنازعة والتي تتمثل في انسحاب المليشيات من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة، واستعادة المؤسسات الحكومية، والترتيبات الأمنية الانتقالية، واستئناف العملية السياسية الجامعة، وتشكيل لجنة تُعنى بالسجناء والمعتقلين.
في ثالث أيام الهدنة (الهشة) خرج تصريح لرئيس وفد الحوثيين التفاوضي محمد عبدالسلام أجزم بأنه تأكيد قاطع على أن السعودية أنجزت أشواطاً كبيرة في الانتقال السياسي بناءً على ما أكده محمد عبدالسلام الذي قال إنهم - أي الحوثيين - ليسوا مع بقاء السلاح خارج إطار الدولة، وهذه إشارة ضمنية إلى موافقتهم على تسليم السلاح الثقيل إلى الدولة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتأكيداً على التوافقات العامة فإن الحوثيين يدركون تماماً أن وصولهم إلى المباحثات في الكويت بقدر أدنى من الخروقات في الهدنة يعني إيفاء لالتزامهم بتوافقات واسعة تمثلت في اجتماعات تنسيقية في (ظهران الجنوب) عملت على ترتيبات الهدنة.
المسارات السياسية التي ستخوض فيها أطراف النزاع اليمنية جولة المفاوضات في الكويت من 18 ابريل يجب أن تترافق مع ضغط مباشر من القوى الدولية على كل الأطراف، وهذه القوى الدولية المعنية هي الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية التي لا مفر من أن تمارس على اليمنيين جميعاً ضغطاً للحفاظ بالقدر الممكن على الهدنة خاصة وأننا من خلال كل عمليات وقف إطلاق النار الثلاثة السابقة شهدنا ارتفاعاً هائلاً في مستوى العنف والمواجهات مع بداية كل مباحثات كانت في جنيف.
يمكننا أن نقارب بين هشاشة الهدنة السورية وتلك اليمنية، هذه المقاربة شكلت فيها الهشاشة قاسماً مشتركاً، ومع ذلك فإن ما حدث في النموذج السوري مطلوب أن يتم في اليمن، فالمهم هو أن تستمر الهدنة لأطول فترة ممكنة من أجل إخضاع الأطراف اليمنية على الاستمرار في طاولة اجتماعات الكويت، حتى وإن تعثرت، أو حصل جمود منتظر فيها، فالمنطق يقول: إن هذه الأطراف ستتمسك بمرجعياتها مما قد يؤدي بانهيار كامل لجولة من جولات المباحثات السياسية المباشرة، لذلك فإن المطلوب هو أن تحتفظ هذه الهدنة بأطول نفس ممكن.
منعطف الهدنة في اليمن لا يقل أهمية عن منعطفات كثيرة في هذا اليمن المثخن بالجراح، فالوصول إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم ومستمر هو هدف كبير لن يتحقق بغير مراقبة دقيقة، والأهم استشعار اليمنيين بأهمية تجاوز هذا المنعطف الحاد جداً للوصول إلى المسار السياسي في الكويت بتوافق صحيح المعالم لكل الأطراف المتنازعة يرتكز على أهمية حصر النزاعات السياسية في مجالها دون الاحتراب الذي أدى إلى تجاوزات وانتهاكات خطيرة ذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين بين قتلى وجرحى ومهجرين ومشردين إضافة إلى خسائر معنوية ومادية واسعة تكبدها الشعب اليمني.