علي الخزيم
هم فئة من المراهقين والشباب يعانون من عُقَد وخوالج داخلية تدفعهم إلى مُحَاكاة من كُتِبَ لهم الظهور على وسائط التواصل الاجتماعي وعرفتهم شريحة من جنسهم الشبابي، ما يراه هؤلاء ضرباً من الشهرة يجدون بها إكمال ما يشعرون بنقصه لديهم، وأرى أن هؤلاء المتأزمين أكثر خطراً من المُعْتَلّين والمُضْطَرِبين نفسياً؛ لأن ضررهم غير واضح للعيان، بينما المعتلين نفسياً قد عَرَفَ محيطهم الاجتماعي أنهم كذلك فيدرؤون خطرهم ويتجنبون إثارتهم والاحتكاك بهم إلا لرعايتهم.
الصنف مدار الحديث يُفترض أنهم أصحاء ونعاملهم ونُحَمّلُهم المسئولية على هذا الأساس الافتراضي؛ يكمن خطرهم بأنهم يمارسون أفعالاً لا يجيزها النظام ولا يقبلها العقل لأنها خارج نطاق المعقول والمتعارف عليه، وتكون أضرارها مادية على الأنفس والممتلكات، ومعنوية على الأمن والأخلاق والأعراف، فحين يتعمد مراهقون قيادة السيارة وسط طريق عام وهم معصوبو الأعين، كنوع من المغامرة وحب الظهور والاستعراض الزائف بين الصبية لإثارة ما يزعمون أنه الإعجاب، وإثبات الجرأة وقوة الاعصاب، فهذا بنظري نوع من المرض النفسي الذي يحتاج لعلاج واهتمام بهذه الشريحة من المُنْفصمين عن الواقع بتأثير مسببات مختلفة، يدخل ضمنها غياب الوعي بمخاطر تصرفاتهم نتيجة انعدام (أثر التربية) عليهم، ولا أقول انعدام التربية؛ فكم من أسرة اجتهدت لتربية أبنائها إلا أن أحدهم يَشُذّ عن القاعدة ويتجه إلى ما ينبئ عن عدم تلقيه الاهتمام من ولي أمره، كما يمكن أن يكون السبب مكتسباً من علاقات طارئة على المراهق وما يصاحبها من مُعَكّرات الأخلاق ومكدرات بنيان التربية الأسرية، هنا ألا يمكن تصنيفهم على أنهم من المُخْتَلّين والمُعْتَلّين نفسياً؟ وتوجيههم للمصحات المتخصصة لتلقي العلاج المناسب لأوضاعهم، وتقويمهم بما ينفعهم أخلاقياً وصحياً؟ النماذج والأمثلة لهذه الحالات تتزايد مما يدعو للتفكير ومراجعة أوضاعهم أولاً للعناية بهم وثانياً لئلا يؤثروا على غيرهم من الصبية والمراهقين ممن قد تُعجبهم مثل هذه التصرفات فينزلقون بدروب المخاطر كما فعل الأوائل منهم.
ومما قرأت على صفحات (الجزيرة) تحذير رئيس قسم الاجتماع بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية أ. د. حسن أبو طالب لكافة المعنيين بالعملية التعليمية وأولياء الأمور من انتشار ظاهرة (التنمر السيبراني) بين طلاب وطالبات المدارس وهي استخدام الانترنت لإيذاء الآخرين بشكل مقصود ومكرر وعدائي، وهي ممارسات عززتها سهولة اقتناء واستخدام الأجهزة التقنية المحمولة، وتبدأ كنوع من العبث والتسلية الممقوتة، ثم تتطور الى التحدي وصولاً للإيذاء وتشويه السمعة ونحو ذلك من الممارسات المتزايدة المُقلقة، وقال خبر نشرته صحيفة مكة المكرمة: إن الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة حصرت المشكلات السلوكية بين طلاب وطالبات المدارس في 14 مشكلة، من أبرزها رصد حالات التعصب القبلي، والتشبه بجماعات (الإيمو والبويات)، بهدف الحد منها ووضع خطط تربوية لحلها بعد دراسة أسبابها، ما يعني أن مسئولي التعليم أخذوا يستشعرون مخاطر هذه الحالات وضرورة علاجها، وأنا أؤكد أن كثيراً منها تحتاج للعلاج النفسي، فالفراغات والتجاويف النفسية إن لم تُشْبَع بالمباح تُفْسِد صاحبها ومن حوله.