محمد بن عبدالله آل شملان
اختتم أول اجتماع للتحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، باستضافة المملكة العربية السعودية، الذي شارك فيه 39 دولة مثَّلها قيادات أركان دول التحالف الإسلامي العسكري الذي سيكون تمهيداً لاجتماع مقبل لوزراء الدفاع،
وذلك ليمثل أكبر تجمع عالمي لوزراء الدفاع، واليوم يمكننا القول إن وطننا يعد شريكاً أساسياً في خدمة العالم الإسلامي والبشرية، باعتبار مكافحة الإرهاب هدفاً للعالم.
بتتبع التاريخ نجد أن وطننا خلال مسيرته له الدور المباشر والمؤثر والبارز في صنع الأحداث والتأثير في كل المستويات المحلية والعربية والإقليمية والدولية، وتمكنه من رسم الرؤى الاستراتيجية الشاملة واستشراف المستقبل، واليوم نجد أن وطننا له مبادرة «التحالف» التي سيشهد لها التاريخ، وستدون في الكثير من الصفحات، وستدون في التاريخ لمئات، بل لآلاف السنين، وعندما نذهب لتجربة وطننا المتآزر في التصدي لظاهرة الإرهاب سنجد أنها تجربة رائدة تحظى بتقدير محلي ودولي نظراً لنجاعتها ومعالجتها الناجحة عبر جهود كبيرة مبنية على أسس علمية عميقة، وهذا ما ستعمل له من أجل الدول الإسلامية المشاركة في التحالف.
الأمن والاستقرار والسلام هو الطموح الذي نريد أن نصل إليه، وقادة وطننا -أعزهم الله- يشكلون دعماً راسخاً لهذه المسيرة، فعندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب، الذي اختتم أول اجتماعاته قبل أيام، كان إعلاناً وإضافة جديدة قدّمها وطننا للعالم الإسلامي وخدمة البشرية، تؤكد حرص وطننا ممثلة بقيادته على وضع الأسس المنهجية لمجد قادم، وأسلوب يصنع ويحفظ في طيات تاريخه عزاً ومجداً.
عندما تكون مدينة الرياض محتضنة مقر هذا التحالف وبالمساحات الشاسعة للدول المشاركة فيه، وهنا الحديث ليس عن استثمار تجاري، بل عن استثمار المنطلقات الإسلامية في الرؤية والمنهج والرصيد الوافر من النجاح والخبرة، والشمولية في الوسائل والأساليب، فيكون لزاماً علينا أن نقر بما يقوم به وطننا من إنجازات لخدمة البشرية بمحاربة الإرهاب.
وأيضاً بتتبع المعاني السامية في كلمات الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- «وإنكم لتجتمعون اليوم على أمر جلل يهدد أمتنا الإسلامية والعالم أجمع بعظيم الخطر جراء تغوّل الإرهاب المتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من العدوان الآثم في كثير من الأرجاء جاوزت جرائمه حدود عالمنا الإسلامي متمترساً براية الإسلام زوراً وبهتاناً وهو منه براء، وفضلاً عن الخسائر الفادحة في الأرواح والبنيان والشتات وتقسيم الأوطان فإن الخطر الأعظم على أمتنا أن هؤلاء الإرهابيين الضالين المضلين قد أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت عينها عنه أن يطعنوا في ديننا القويم الحنيف ويتهموا أتباعه الذين يربو عددهم على المليار ونصف المليار، بجرم هذا الفصيل السفيه الذي لا يمثل الإسلام من قريب أو بعيد. وقد سوغت جرائمهم المنكرة تجريد الحملات العدائية ضد الأمة ودينها وخيرة رجالها، وترويج صورة الإرهاب البشعة في أذهان الكثير من غير المسلمين على أنها طابع الإسلام وأمته وتوظيفها لشحن الرأي العام العالمي بكراهية المسلمين كافة، واعتبارهم محل اتهام ومصدر خوف وقلق، فضلاً عن الحرج والارتباك الذي تعرضت له الدول الإسلامية ومنظماتها وشعوبها أمام الدول والشعوب التي تربطها بنا علاقات تعاون، حيث كادت هذه العلاقات تهتز وتتراجع في إطار موجة من الضيق بالمسلمين والتحامل عليهم جراء هذه الجرائم الإرهابية. «التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في حفل افتتاح المؤتمر العالمي الإسلام ومحاربة الإرهاب الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بمقر الرابطة في مكة المكرمة، وأعرب عن تأكيده بأن المملكة العربية السعودية لم تدخر جهداً في مكافحة الإرهاب فكراً وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة، بحضور أكثر من 700 شخصية من كبار العلماء والمفكرين والدعاة والمتخصصين، لمناقشة التصدي لخطر هذه الظاهرة ووأدها قبل أن يتطاير شررها في المزيد من بلاد المسلمين، ومن قبل كل هذه المبادرات التي تصدت فيها أجهزتنا الأمنية للإرهابيين بلا هوادة وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها وبذل رجالنا البواسل أرواحهم في سبيل ذلك، فإن كل هذا يجعلنا نبرهن أن وطننا الكبير المملكة العربية السعودية، ماضيةي صناعة فكر وعمل ممتد ومستمر، سلاحها العلم والدفاع.
الكثير من أبناء الأمة الإسلامية قضوا فترة طويلة من السنين وهم يتحدثون عن نظرية المؤامرة وتحميل الآخرين مسؤولية أخطائهم أو حتى إيجاد الحلول لهم، لكن حاضرنا اليوم بالتحالف، وما نصنعه من خلال الفرق التي تكوّنت خلال المؤتمر، سنصنع مسيرة الفخر التي ستسطرها الدول المشاركة -بمشيئة الله تعالى- في هذا المجال.
الرهان يبقى على قدرتنا كشعوب في مساندة حكوماتنا وقياداتنا، وأن نكون على قدر المسؤولية بجهودنا ومساهماتنا الشخصية نحو صناعة الوعي بعدم الانجراف وراء شعارات الإرهاب المزيفة، وأن نربي أجيالنا على فكرة مكافحة الإرهاب، وأن نوجه طاقات الشباب وإبداعاتهم وعلومهم نحو خدمة مجتمعهم وخدمة البشرية.
التحالف الإسلامي، اسم جديد في تاريخ التحالفات، عملنا وسنعمل من أجل صناعته، فالتحالف يُصنع لا يُكتَسَب، والتاريخ لن يشفع لنا إذا لم نحول تلك القدرات والإمكانات لأساليب لمواجهة ومكافحة الإرهاب عبر استراتيجيات شاملة ومتكاملة في هذا المجال.
ما يحدث حولنا من ظروف، ونحن في هذا الوطن المقدس نعي هذه المسألة، لذلك نعمل على كتابة مسمى جديد في التحالفات، سيسميها التاريخ التحالف الإسلامي، ونحن نراهن أن هذا التحالف -بإذن الله تعالى- سيكتب في التاريخ في أجمل صفحاته، وجهودنا مستمرة في خدمة البشرية، فما شاهدناه اليوم من تحالف يُفتخر به ويُرتاح له، غداً سيكون هناك أوطان طاردة للإرهاب، خاصة في ظل الأوضاع غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط، وأطماع الدول الإقليمية التي تسعى للهيمنة على خيراتها.