فيصل أكرم
قالوا سينتظرون حتى ينتهي بكَ ما ابتدأتَ بهِ،
فقلتَ: ستظفرون بكلّ ما تحت الجفونْ.
هو ذا انقسامُ الريح في الرئتين..
هو ذا انقسامُ الكلْمةِ العذراء في الشفتين..
وهي الحياة، إذا انتبهتَ، برغم قيمتها.. تهونْ.
فهل انتهيتَ من الرهانات التي غامرتَ فيها،
منذ أزمنةٍ مضتْ؟
هل ارتضيتَ بما قضت؟
وهل القضايا.. كنتَ ترضاها انتظاراً
حين كان المتعبون يجددون بكَ الطريقَ،
ويرفعونَ بكَ السقوف؟!
هل سوف يعجبكَ الوقوف؟!
كن مستريحاً دائماً،
أما أنا..
ما تلك أحوالي، ولكنْ.. مستجدّاتُ الظروف!
فانظر إلى يمناكَ: هل طفلٌ هناك يسيرُ
كالطفل الذي كانت تصاحبه يداك؟
وانظر يساراً: هل إلى تلك الأماكن زائرٌ يمضي سواك؟
لا تنتهِ..
لا العذر ينفع في مواجهة الضمير، ولا الهلاكْ.
فسّر إذاً:
ما سرُّ إمعانِ الذين تجللوا بالخطو حتى الارتباكْ؟!
ومَنِ الذين تشابكوا بعد انفكاك الخيط من كل الجراحْ؟
هل كان منهم من سيرسمُ ظِلَّهُ،
من قبل أن يأتي الصباحْ!
وهل الصباحُ، إذا بدا من منهكين مؤجَّلينَ
يجددُ الأحزانَ فيهم..
والمواعيد التي كانت تنادي بالرحيل؟
فتّش إذاً: أين البديل..؟
اخرج من الذكرى، تقدّم.. فالأمانيُّ التي هجرتكَ
لازالت تلوّح من بعيدْ..
هو أنتَ، لم تزل البعيدْ..!
هل سوف تخطئ مرةً أخرى؟
انتبه..
فالمرّةُ الأخرى.. أخيرةُ
والذي يمشي هناك، سينتهي في آخر المرّاتِ
يسألُ: ما الذي يمشيكَ.. إن لم تصطحبْ طفلاً بديلاً
يستعيد قديمكَ المسحوب من كتفيكَ ظلاًّ
ثم يرمي بين عينيكَ اللتين اعتادتا يُتماً قديماً
رابعَ الفقدانِ من يُتمٍ جديدْ.
هو ذا يلوّح، من بعيدٍ، عائداً: هل أنتَ لم تزل البعيدْ..؟؟
* * *
هي ذي قصيدتكَ الجديدةُ،
حينما كانت حياتكَ تستجدُّ
الآن.. لا
هي ذي خسارتك الجديدةُ،
ذي هزيمتك الجديدةُ،
ذي وسيلتك الوحيدةُ لاقتناص الذنْبِ، كالأفعى التي
اقتنصت فريستها التي
ابتدعت ملاذاً بين أحضان الصخورْ
هي ذي غريزتك التعيسة في الحضورْ
وأنتَ كنتَ، وأنتَ تدري: لم تكن
إلاّ كما كانت دموعٌ تمسح الخدين كي تصل الصدورْ
فمن أيّ صدرٍ كان يغمرك الشعورْ؟
من أيّ صدرٍ كنتَ تشعر بالغرورْ؟
من أيّ صدرٍ، والصدور جميعها محفوظةٌ ببريقها
كالعظم حين يشعُّ منتشياً بفجوات القبورْ.
من أين للظلمات هذا النور؟
* * *
كانت طيورُ الشرقِ عاكفةً على أعشاشها
فوق الجبالْ.
والرملُ كانَ يسيلُ من تحتِ الذين مشوا عليهِ،
مشى بهم ومشوا عليهِ،
وكان يعجبهم حنين الرمل في أكتافهم
يدنو إلى أطرافهم
يرنو إلى الأكتافْ
هو دائماً يرنو إلى الأكتافْ..
هو لا يراهن بالغيوم، ولا يحضّ على الجفافْ
أفكيف من رملٍ تخافْ؟
أفكيف تخشى الانعطافْ؟
قل: هذه بعض المشاوير التي تعتادني
لو ما ارتميتُ بنصفها..
قل: هذه بعض المشاوير التي أعتادها
لو ما الطريق أعادني..
قلها إذاً: هي ذي المسافاتُ التي
أفنتْ عليكَ دروبها..
قلها إذاً..
قلها بربك صادقاً: هي ذي قصيدتك الجديدةُ؟
قلتَ: لا.
يا حسرتاه على الذي انقطعتْ به الأنفاسُ، إن قلنا له: قل غيرها!
* هي حالةٌ أعيشها الآن، بعد وصولي إلى (اليتم الرابع).. وإن كنتُ سبَّقتُ بكتابتها في أشكالٍ أخرى لحالاتٍ قديمة من اليتم المعروف.