د.عبدالعزيز العمر
التفكير العلمي لم يعد اليوم قضية أكاديمية مدرسية نخبوية تحدث فقط داخل القاعات الجامعية والمختبرات العلمية، لقد أصبح التفكير العلمي اليوم مهارة حياتيه مفصلية تثري حياة الفرد وتعلي من جودتها. التفكير العلمي لم يعد اليوم أمراً خاصاً بالنخب، بل أصبح شأناً يفترض أن يتعلمه ويمارسه اليوم كل الناس في حياتهم العامة، بل وحتى في حياتهم الخاصة. يأتي الفرد إلى هذه الحياة وهو خلو تماماً من التفكير العلمي، وسيكون هذا الفرد محظوظاً إذا كانت ولادته في مجتمع يعطي قيمة عليا للتفكير العلمي ويشجع على ممارسته. وسيكون هذا الفرد تعيس الحظ إذا ولد في مجتمع تشيع فيه الأساطير والخرافات، ويسبغ على بعض أفراده المعجزات التي تخرجهم عن بشريتهم. لحسن الحظ أن التفكير العلمي هو أمر يمكن للطلاب أن يتعلموه في مدارسهم، ويتدربوا على ممارسته في حياتهم اليومية بشكل اعتيادي. التفكير العلمي - للأسف - هو اليوم الغائب الأكبر عن مدارسنا، وهذا جعل مدارسنا عالة على مجتمعنا وعبئاً عليه. ولم يكن الهدف من تعليم الطلاب أساليب التفكير العلمي أن نعدهم ليكونوا علماء في المستقبل فقط، بل لمساعدتهم كي يتخذوا القرارات العقلانية الصائبة، وليعرفوا كيف يصلون بأنفسهم إلى الحقيقة بناء على الدليل والبرهان، وليتعلموا كيف يميزون بين ما هو حقيقة عن ما هو خرافة. انظروا ماذا حدث لأبنائنا عندما غاب التفكير العلمي عن مدارسنا، لقد تحوّل كثيرٌ منهم إلى خراف ونعاج يسهل قيادتها وتوجيهها إلى حيث يريد أولئك الذين يتربصون بهم ليسيطروا على عقولهم كتابعين لهم، ويتطلعون إلى توظيفهم لخدمة أجنداتهم الخاصة.