سعد السعود
يقول حكيم: اتق شر الحليم إذا غضب.. ويجاريه ويرد بفخر محب الزعيم: واتق شر الزعيم إذا لعب.. وحِلم أي صبر الهلال هذا العام بلغ مبلغاً لم يصله منذ زمن طويل.. فمسيرته بالموسم لم تكن كالمعتاد وتحديداً في دوري جميل.. فتعادل أحيانا بل وخسر من فرق بالدوري كانت سابقاً أشبه باستراحة محارب.. لتكون قاصمة الظهر بالخسارة الآسيوية فتتوالى عليه المصائب.
وجوكهذا حتماً لن يمنح أي مشجع للهلال متنفساً للتفاؤل بالمرة.. ولن يكون هنالك شبر طموح لتحقيق الانتصار بالجوهرة.. فلم يعتد محبو الهلال.. أن يروا الفريق بهذا الهزال.. فحتى عندما يفوز يكون بأداء خجول.. بعدما أصيب بدر الفريق بالأفول.. ودخل الشك في النفوس.. واهتزت الثقة والتي طالما عوّل عليها محبو الأزرق في أقسى الظروف.
وحال كهذه لا تسر الأنصار.. معها ينتظرون هذا اليوم الانفجار.. وتقديم للمحبين الاعتذار عما صار.. نعم.. فالحليم لم يعد يقوى على إطالة باله.. ومحب الزعيم ينتظر أن ينتفض الفريق ويخلع عن ظهره عباءة هزاله.. وهذا ما عودنا عليه الزعيم.. فعندما نظن أنه استسلم للمرض وأضحى أشبه بالسقيم.. نجده يبزغ من جديد.. ويعود أقوى ليعود من بعيد.. ليلتهم المنافس مهما كان.. ويكون وحده سيد الميدان.
ولأن الخصم متمرس.. والثمن بطولة وكأس.. فالمطلوب أولاً أن تتوقف فلسفة دونيس.. فضلاً على أن يعود اللاعبون ويدركوا قيمة ما يلبسوه من قميص.. فلا مجال للاستكانة أو البرود.. فالجمهور العريض لن يرحم بعدما صبر لأقصى الحدود.. ولم يعد هنالك مجال للأعذار.. لذا على نواف بن سعد أن يخاطب لاعبيه بحزم: اليوم لا مجال للخيار إما الانتصار أو الانتصار.
وحتى يستفيق الزعيم من سباته.. ويعود من عثراته.. ليهب من كبواته.. فعليه أن يستعيد مع لاعبيه شريط بطولة كأس سمو ولي العهد.. وكيف بسط نفوذه على الملعب مع ذات المنافس حتى ظننا أنه لا يوجد في الملعب سوى اللون الأزرق وعداه لا أحد.. وعلى مسيري الزعيم أيضاً عدم إشغال اللاعبين بقضية ناصر.. بل شحنهم وتذكيرهم بقصة شعرة ياسر.. عندما لم يكن قبل أعوام بد من الفوز للحصول على الذهب فكان الأداء الساحر.. ليعود من جدة وقتها بأثمن نقاط.. فهل يتكرر الأمر أم يصيب لاعبو الفريق جمهورهم بالمزيد من الإحباط؟!
بالمقابل فإن لسان حال محبي القلعة وهم يستنهضون همم لاعبي فريقهم لاغتنام الفرصة التي قد لا تتكرر كثيراً وكأني بهم يرددون مقولة دلفا ديفز: (لا تخف من المسافة بين الحلم والواقع) فإن قدرت على الحلم فأنت قادر على تحقيقه).. ليصرخوا بأعلى الصوت: من رام الذهب عمل لبريقه.. خصوصاً والذهب هذه المرة أقرب من أي وقت مضى.. عطفاً على الفارق النقطي مع المنافس وأيضاً ما يقدمه لاعبو الأهلي من مستوى.
هو حلم طال انتظاره منذ ثلاث وثلاثين سنة.. تغيرت الأجيال وتوالت الإدارات وبقيت المعضلة عصية على التحقق ولو لسنة.. فأقصى ما حققه الفريق طوال تلك السنين مركز الوصيف.. في حين عُدمت أمطار الإنجاز على أرض القلعة وعانت جفاف الصيف.. لتنتظر جدة بشغف احتفال ابنها لثلاث عقود.. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث رغم كل ما بذل من جهود.
واليوم ربما تنتهي الحكاية الأطول.. بنهاية هي الأجمل.. ففوز أو تعادل يجعل التتويج هو الأقرب.. لتبقى خاتمة الرواية تُكتب في آخر جولتين من خلال ما يقدم في الملعب.. وعندها ستطوى صفحة طالما أرقت الأهلاويين.. وكانت محل تندر وسخرية المنافسين.. ليعود الأخضر بشكل مدو.. بعدما ظن الجميع أنه فقد ذاكرة الدوري.
لذا على إدارة الأهلي شحن اللاعبين.. بعزيمة وإصرار لا يلين.. لتحقيق حلم السنين.. وذلك بزرع الثقة في نفوس الفريق.. فالأحلام مهما طال أمدها إلا أن مصيرها التحقق.. ولا أخال السومة ورفاقه سيفوتون الفرصة السانحة.. خصوصاً وهم يلعبون على أرضهم وبين جماهيرهم المتلهفة.
أخيراً) هل سيستمر هذا المساء حِلم الهلال على المنافسين..أم ينفجر غضبه في وجه حُلم الأهلي الذي يداعب عقول العاشقين.. مسائية إما أن يعيد الزعيم كتابة المجد كما هي عادته.. أو تكون هي الليلة التاريخية التي يعلن فيها الأهلي عودته.. ننتظر لقاء مختلفا يسلب الألباب.. ننتظر أداء يعانق السحاب.. كيف لا والفريقان هما الأفضل.. وكرتهما مع التعاون هي الأجمل.. فيا ترى كيف ستكون طقوس هذه الليلة.. ومَن مِن الجمهورين سيردد طرباً: مذهلة.. هل سيبزغ قمر الهلال بكامل بدره.. أو يسطع نجم الأهلي بأبهى نوره؟!
همسة بأذن الجمهور
كرة القدم فوز وخسارة.. والفوز دوماً لواحد فلا يمكن قسمة الانتصار على اثنين.. فإن فرح مدرج كان الآخر حتماً يعيش الغضب ويعاني الأنين.. لكن الأهم ألا تدفعنا نتيجة المباراة لنقع في فخ التجاوز أو نسقط في بئر التراشق.. فما أجمل التواضع عند النصر والابتسامة عند الخسارة.