عبد الاله بن سعود السعدون
جاءت الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2013 م بالرئيس (الإصلاحي) الدكتور حسن روحاني والذي ارتدى عباءتي رفسنجاني وخاتمي وبشر في برنامجه الانتخابي أن من أولويات عهده الجديد مد اليد للجوار العربي الخليجي بالمصالحة وحسن الجوار واستمر متمسكاً بهذا الشعار الدعائي دون أي تغيير فعلي على الأرض في ممارسات حكومة طهران نحو دول الخليج العربي وكأنه رئيس جمهورية منتخب مع وقف التنفيذ وغيره من يحكم البلاد ويوجه سياستها الداخلية والخارجية وحسب علم أي مراقب سياسي للشؤون الإيرانية يعرف بأن المرشد الأعلى السيد علي خامئني هو مركز جميع السلطات حسب الدستور الإيراني الذي أقره المرشد الأعلى الأول السيد الخميني وطالما نلاحظ الاختلاف والتضارب في تصريحات روحاني وخامئني في كثير من المناسبات السياسية والخاصة في علاقة إيران مع المملكة العربية السعودية وشقيقاتها دول الخليج العربي فروحاني يصرح بالرغبة الجادة لإيران بفتح صفحة جديدة مع الجوار الخليجي العربي وبنفس اليوم يذكر المرشد الأعلى خامئني بخطبة الجمعة أن إيران لن تتخلى عن مد العون والدعم لأصدقائها في الجوار الإقليمي ومساندة الشعوب المضطهدة في العالم، إن أتباع إستراتيجية المواقف الزئبقية والمراوغة والتي كانت سمة السياسة الخارجية الإيرانية وحان الوقت لدعاة المصالحة الإيرانيين العمل لمراجعتها جيداً فدول الجوار العربي قد أصبحت أكثر حرصاً ويقظةً ومجهزة بكل الآليات التي تفسد كل المشاريع الإيرانية من التغلغل في الجغرافية العربية، وكانت عاصفة الحزم الرد الفعلي القوي لقطع كل الأذرع الإيرانية في اليمن الشقيق. الإدانة التي تضمنها البيان الختامي لقمة اسطنبول الإسلامية شكلت الحلقة الأقوى في عزل إيران إقليمياً وإسلامياً ولم تؤدي محاولات وزير خارجية إيران نظيف للتأثير على وزراء خارجية الدول الإسلامية السادسة والخمسين المشتركة في منظمة التعاون الإسلامي بل ثبتت الإدانة الإسلامية لتدخلات إيران في الشئون الداخلية لجوارها العربي الخليجي والتحريض الطائفي ومد أنفاق التآمر مع أجزاء من النسيج المجتمعي الخليجي العربي من أشقائنا محبي آل البيت العرب بالتحريك والتحريض الطائفي لبث العداء والفرقة بين أبناء الشعب الواحد والحمد لله أن وعي ويقظة ووطنية أشقائنا أبناء الطائفة الشيعية أعلى من أن ينساق لهذا التآمر الإيراني على وطنهم ووحدة شعبهم وحبهم وولاءهم لقيادتهم المخلصة.. الكرالآن في الساحة الإيرانية للخروج من عنق الزجاجة في عزلتها الإسلامية والإقليمية بعد تصنيف عصاتها الغليظة حزب اللات بالإرهاب إسلامياً وإقليمياً ودرجهم ضمن المنظمات الإرهابية التي تحاربها قوات التحالف الإسلامي وبإمكان إيران تغيير إستراتيجية تصدير الثورة والعودة إلى مسار الدولة التي تعترف بالمعاهدات والاتفاقات الدولية وتعتمد (فعلاً) سياسة الثقة والاحترام الركن الأساسي في العلاقات الدولية وأن تمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي وتوجه خطابها الإعلامي نحو المصالحة الحقيقية وأن تكون صوت المحبة والإخاء الإسلامي الذي يربط الشعوب الإيرانية والشعب العربي الخليجي أساساً لهذه العلاقات وفتح باب التفاوض مع دولة الإمارات العربية المتحدة حول مستقبل الجزر العربية الثلاث المحتلة من قبل إيران..، وحينها تفك كل عقد الصراعات الأهلية في العراق وسوريا واليمن السعيد. إن الرسائل والتصريحات لن تؤتي بأسس المصالحة إلا إذا خرجت إيران من طوق الثورة التبشيرية وإعلانها بأنها تعتمد المؤسسات المسئولة لأركان الدولة الحديثة والتي تتمسك بالقواعد الدولية أساساً لعلاقات قوية تتركز على الثقة والاحترام وحسن الجوار وتمزج بصدق القول بالعمل وتبتعد عن التدخل الطائفي وترفع يد التحريض والهيمنة عن بعض مواطني دول الخليج العربي والابتعاد عن جر منطقتنا الإقليمية للحرب الباردة وتبديد مواردنا المالية في التسابق التسليحي وتحويلها عن التنمية الاقتصادية المعطلة بسبب العبث الأمني والإرهابي المدعوم من إيران... إن الجوار العربي ينتظر التغيير الفعلي للخطاب السياسي والإعلامي الإيراني وحسن النية وحينئذ فقط تمتد جسور المحبة والأخاء والعلاقات السياسية والاقتصادية بين الساحلين على أساس المنافع المتبادلة بين الطرفين.