فاطمة العتيبي
من ضمن معايير حوكمة أداء القيادات هي (الاستجابة)؛ فإن كان المسؤول يملك أدوات الاستجابة والتعامل الجيد مع المواطنين دل على حرصه على المصالح العليا للوطن واستقراره وتعزيز الانتماء له.
ومن واجبات الدولة اختيار الوزراء، ومن مسؤوليتها أيضًا متابعة أدائهم، وتقييم درجة تجاوبهم مع المواطنين؛ فالمسؤولية تكليف وليست تشريفًا، وتعيين المسؤول في منصب ما هو ثقة من الدولة بجدارته القيادية، وامتلاكه مهارة جدولة الأولويات، وتفهمه ما يهم الناس ويؤثر على معاشهم، وقدرته على تطوير عمله وعمل فريقه لتقديم خدمة متميزة، تحقق الرفاهية للمواطن.
المسؤول كما قال الملك عنه هو خادم للمواطن في موقعه، وعلى أي مسؤول أن يعي ذلك جيدًا، ومثلما أن إغلاق السفارات في وجه المواطنين يُعَدُّ جريمة لا تغتفر في الأعراف الدولية فإن غلق أبواب الوزارات عن الاستماع وتفهم حاجات الناس يُعَدُّ هو الآخر جريمة لا تغتفر.
على المسؤولين أن يقدروا ذلك جيدًا، كما أن على المواطنين أن يتفهموا أن الوزير - أي وزير - لا يملك عصا سحرية ليحقق أحلام الناس وأمانيهم في يوم واحد؛ فالوزارات الخدمية مرتبطة بجهات عديدة ذات تأثير شديد في عملها. فإنشاء مستشفى جديد مثلاً لا يملك القرار فيه وزير الصحة فقط، بل يشترك معه وزير المالية من أجل اعتماد المبالغ المالية، ويحتاج لوزير الخدمة المدنية من أجل وظائف الأطباء والممرضين وغيرهم، ويحتاج لوزارة التجارة من أجل التجهيزات الصحية، ويحتاج لوزارة البلديات من أجل الأرض وتراخيص البناء، ويحتاج لوزارة المياه والكهرباء لتوفير المولدات الاحتياطية لمواجهة خطر انطفاء الكهرباء، ويحتاج للدفاع المدني، ويحتاج لشركات الأدوية..
لا يملك وزير واحد قرارًا يتعلق بوزارته، بل إن منظومة مؤسسات الدولة لا بد أن تتطور معًا، ولا بد أن يكون لها الدافعية ذاتها التي تجعل مسؤوليها كافة ينجزون للمواطن، ويقدمون له خدمة عالية، وهو متحقق في كثير مما نرى، وننتظر المزيد..
نحن متفائلون جدًّا؛ فقطار بلادنا ماضٍ في سِكّته المأمونة منذ تأسيسه، قد يبطئ حينًا، ويسرع أحيانًا، لكننا في الطريق الصحيح..
لاحظ كيف أعفى ملك البلاد مسؤولاً من وزارته، ليس لعدم نزاهته - حاشاه - وليس لأجل إهمال أو تقصير - حاشا وكلا - إنما لأنه لم يتعامل بالشكل المناسب مع شكاوى المواطنين، ولم يستجب لمطالبهم العادلة، فاستجاب أبو فهد - سدده الله وأبقاه -. الملك الذي يجيد التعامل مع مختلف القضايا كما وصفه محللون أمريكيون السبت الماضي، وقالوا أيضًا إنه يمتلك سجلاً حافلاً بالإنجاز وتراجع الفساد، وهما - بلا ريب - مؤشران مهمان من مؤشرات السعادة.