د. عبد الله المعيلي
احتار كثير من المتابعين والمهتمين بالأحداث وتحليل مضامينها، وتفسيرها والتعليق عليها، ففي كثير من الأحيان يصاب المتابع بحالة من الذهول وعدم التصديق لما يكتبه البعض من تعليل وتدليل وتحليل لتلك الأحداث، بل يستعصي فهمها لكونها خارج إطار المنطق والتفكير السليم، لا تحكمها مبادئ ولا قيم، بل تعد الأهواء المحرك الرئيس لتلك الرؤى الحول التي لا يخفى عورها.
ومن الأمثلة على ذلك، ما يكتب في تغريدة أو مقال أو رأي يدلى به في وسائل الإعلام، كل هذه وغيرها وثائق تدون في تقارير المؤتمرات الدولية للمنظمات المتخصصة مثل «حقوق الإنسان» والإرهاب، والمرأة، وحقوق الطفل، وغيرها مما تعقد له الندوات والمؤتمرات في شتى دول العالم، مما جعل من يحضر هذه المؤتمرات والندوات يحتار في فهم مسوغات التجني السافر و التكالب المقصود على المملكة العربية السعودية.
قدر المملكة أنها ملتزمة بالإسلام عقيدة ومنهاج حياة، وأن ثوابت هذا الدين تتعارض مع ما يتطلع إليه البعض، وما يدعو إليه المنظمون لهذه المؤتمرات والندوات من توجهات، ولهذا يعدون المملكة في الاتجاه المعاكس بل المعارض في بعض الأحيان لهذه التطلعات والتوجهات.
المملكة ملتزمة بدينها ومنهجها، المستمد من الإسلام الذي يعد دينا خاتما تتجسد فيه كل معاني الإنسانية وقيمها، وأنه دين تتبلور فيه قيم ثقافية قوامها حفظ الحقوق الفردية والمجتمعية واحترامها، دين التسامح والتعايش، دين بنى حضارة متوازنة جمعت بين خيري الدنيا والآخرة، فأشرقت لأنوارها مشارق الدنيا ومغاربها، فنقلها من ظلمات الجهل والتخلف إلى نور العلم والتقدم، وبالتالي، فهي ليست بحاجة إلى تشريعات بشرية طالما أن لديها ما يغنيها في شرع الله وهديه، فعظمة الإسلام وشموليته يدركها كل عاقل منصف، ولا تخفى إلا على من أصيب بعمى البصر والبصيرة.
إن من يطلع على التقارير التي تعدها المنظمات الدولية، والتوصيات التي تدعو إليها يدرك مدى خطورة هذه التقارير والتوصيات لكونها تمثل تشويها لواقع إنساني وحضاري متوازن متكامل متوافق مع متطلبات حياة الفرد والجماعة، والحياة المجتمعية بجوانبها كافة، واقع بريء تماما من تلك المضامين المغرضة التي لم يتحر معدوها الدقة والموضوعية عند إعدادها واستعراضها باعتبارها حقائق.
البعض يهون من أثر تلك التقارير وقيمتها، ويقلل من تأثيرها على المملكة، وهذا حكم غير دقيق يجب التوقف عنده وتأمله و البحث في مصادره المغرضة، من أين استقيت وصيغت بهذه الصور المشوهة.
لقد ثبت أن المؤسسات البحثية والمنظمات العالمية على اختلاف تخصصاتها واهتمامها تتابع عن كثب كل ما يكتب وما يقال عن المملكة في الداخل والخارج، كي يستشهدون به في الدراسات والتقارير التي يعدونها، وليس بخاف أن أعداء المملكة يتربصون بها، ويستغلون كل شاردة وواردة باعتبارها أدلة إثبات وإدانة لما يعزز كذبهم وتجنيهم، وهنا مكمن خطر يجب التنبه له.
أجزم أن المطبخ الذي أعد هذه التقارير قد جمع محتواها مما ينشر في بعض الصحف، وفي أقنية التواصل الاجتماعي، وما ينقله خفافيش الظلام إلى المنظمات الدولية وأجهزة الاستخبارات في الخارج، إنهم يفرحون برصد هذه الآراء الشاذة التي يتبجح بها البعض عن الدعوة الإصلاحية للإمام محمد بن عبد الوهاب وعن المرأة وعن ما يزعم من ربط بين خوارج داعش والخطاب الديني وثوابت المملكة المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وتراثها العظيم.
يستشهد من يعد التقارير بالمثل القائل «يداك أوكتا وفوك نفخ» فهم يستدلون بما ينشر داخل البيت السعودي، فهل من رادع لهذه الخناجر المسمومة التي تطعن المملكة بتشويه الحقائق وتزويرها، وتهويل الحالات الفردية وتعميمها على المجتمع كله.
إن أمن المملكة المعتمد بعد الله على ثوابت الدين وعلى القيم العربية الأصيلة، وعلى التفاف الشعب حول قيادته، خط أحمر، لا مساومة على المحافظة عليه ولا مزايدة، ولا تفريط فيه لمدعي الحرية والتحرر الذين لا هم لهم إلا جلد المجتمع وسلخه وتجريده من مقومات عزته وكرامته وأصالته، فقدر المملكة أنها دولة إسلامية عربية، أسست أركانها وبنيت - كما يعلنها قادتها وولاة أمرها - على هدي من كتاب الله القرآن الكريم، وسنة رسوله الهادي الأمين، وعلى ما أجمع عليه سلف الأمة وتواتر من ثوابت شرع الله، ولن تتخلى عن ذلك قيد أنملة إن شاء الله.