د.عبدالعزيز العمر
عندما تضع ابنك عند عتبة باب مدرسته صباحا فأنت تأمل أن تعود إليه ظهرا لتكتشف وأنت عائد به إلى المنزل أنه تعلم في ذلك اليوم تعليما أضفى على شخصيته حضورا مميزا وفهما أعمق ومدارك أوسع ومهارات حوار أرقى، ولكن هل خطر ببالك أن تعود ظهرا إلى مدرسة ابنك ثم لا تجده بسبب مكروه حدث له داخل المدرسة أفقده حياته، هذا أمر ممكن، ولكن احتمال حدوثه يقترب من الصفر في النظم التعليمية التي تضع لسلامة الطلاب معايير في غاية التشدد وتراقب وتحاسب بناء عليها. أذكر أني قرأت إعلانا لإحدى المدارس في الغرب تطلب فيه توظيف سائقا لحافلة مدرسية، استعرضت الشروط المطلوبة في السائق فظننت أن المطلوب هو سائق طائرة جامبو مدنية وليس سائق حافلة مدرسية. أما هنا فقد تحولت كوارث سائقي الحافلات المدرسية إلى قصص متداولة تدمي القلب. أخشى أن تتحول مطالباتنا مؤسسات التعليم بتحسين ما يقدمونه لأبنائنا من تعليم إلى مطالبات بالحفاظ على سلامتهم. أما بيت القصيد هنا فهو المقاولين الذين تختارهم وزارة التعليم لتنفيذ مشروعاتها المدرسية، تتملكك الدهشة والعجب وأنت تكتشف أن مقاولي الوزارة ينفذون أعمالهم في غياب شبه تام من المراقبة والمحاسبة والمعايير المتشددة، وأنت لا تحتاج هنا إلى عقل انشتين لتكتشف ذلك، فقط اسمع ما قد يرويه لك صديقك المعلم أو قريبتك المعلمة، بل واسمع ما قد يقوله الطلاب عن بعض مهازل مبنى مدرستهم. هناك حياة طلابية فقدت بسبب ماس كهربي أو سقوط باب حديدي أو سقوط مظلة أو حتى دهس داخل المدرسة. سلامة طلابنا لا تتحقق بمجرد تشكيل لجنة متخصصة وكتابة معايير صاغها مبدع في اللغة العربية.