عبدالحميد جابر الحمادي
حظيت ولقيت «رؤية السعودية 2030» بترحيب وقبول واسع وكبير من معظم شرائح وفئات المجتمع، والتي أقرها ووافق على بنودها وأهدافها وعناصرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمده الله بعونه وتوفيقه، ودعمها وساندها وأيدها سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف - وفقه الله وسدد خطاه - حيث يأتي هذا التأييد والترحيب والابتهاج لما تضمنته من أبعاد ومجالات وأهداف وغايات تتعلق وتتصل بمصالح المواطنين ومعيشتهم ورفاهيتهم سواء على مستوى الصحة أو التعليم أو الترفيه أو الاقتصاد أو الثقافة, ولما حملته من طموحات واستشراف لمستقبل الأجيال القادمة وغد واعد وأفضل بإذن الله تعالى.
هذه الرؤية الطموحة والتي أشرف على إعدادها وتجهيزها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية برئاسة الأمير محمد بن سلمان وفقه الله وسدد خطاه، والذي تم الإعلان عن مضامينها في لقاءين إعلاميين أحدهما المؤتمر الصحفي الذي عُقد بهذه المناسبة وحضره مجموعة كبيرة من الإعلاميين، والآخر اللقاء المركز والشفاف الذي أجراه مدير عام قناة العربية الأستاذ تركي الدخيل مع الأمير محمد بن سلمان وبثته قناة العربية والقناة السعودية الأولى والإخبارية أكثر من مرة على مدار الأيام الماضية، حيث تخلله طرح كثير من التساؤلات والاستفسارات المهمة والحساسة المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والتنموية.
من المؤكد بأن إعداد مثل هذه الرؤية لم يعلن عنه بين عشية وضحاها، بل أتى بعد إجراءات وخطوات بدأت باستخدام مؤشر (سوات SOWT)، والذي يرمز إلى تحديد مكامن الضعف والقوة ومكامن الفرص والتحديات، وهو مقياس علمي يستخدم في معظم المؤسسات والقطاعات الناجحة، وحتى على مستوى الأفراد والأشخاص والدول والمنظمات، وهو يدعم ويساعد على موضوعية ومنطقية أي انطلاقة نحو المستقبل حيث يقدم معطيات تسهم في زيادة نسبة نجاح أي مشروع أو رؤية.
لقد تناول بعض الإخوة الزملاء من الكتّاب والمحللين والمستضافين في برامج تلفزيونية أو إذاعية الرؤية وأشادوا وتفاءلوا إلى درجة المبالغة والتضخيم والمراهنة عليها دون النظر إلى التحديات والمعوقات أو حتى كيفية الاستفادة من الفرص أو التخلص من مناطق الضعف، حيث قاموا بقراءتها مقالياً وإعادة وتأييد ما جاء في نص وثيقة «رؤية 2030» من رؤى وآمال وتطلعات، وهو أمر يحمدون ويشكرون عليه لما فيه من مساندة وتأييد ودعم وتشجيع.
هذا يعني أن الأغلبية انحاز إلى اختيار القبعتين الحمراء والصفراء، وهما نوعان وأسلوبان من «أساليب القبعات الست للتفكير» التي اخترعها وابتكرها - الطبيب وعالم النفس - إدوارد دي بونو والتي تعني أساليب وأنواع ومراحل التفكير العلمي المؤدية إلى صناعة واتخاذ القرار السليم، وعلى سبيل المثال فإن القبعة الحمراء تعني تفاعل واندفاع المشاعر نحو فكرة مرغوبة أو مرفوضة أو مأمولة، والقبعة الصفراء يميل مرتدوها إلى النظر في الفرص ومكامن النجاح والقوة والتفاؤل والحماس والإيجابية المفرطة نحو الهدف، وكلاهما مهمتان في نظر دي بونو مع ضرورة مراعاة الترتيب في استخدامها من الأولى إلى السادسة.
ومن هنا يؤكد إدوارد دي بونو بأهمية وضرورة استعمال «القبعات الست للتفكير» دون استثناء أو التقليل من شأن أي قبعة لكي يضمن ويحول أن تكون هناك حلقة مفقودة عند صناعة واتخاذ القرارات، فهو يرى بأن القبعة السوداء وهي النظر والتأمل والفحص في المخاطر والتحديات والعوائق سيسهم في الوصول إلى قرارات رشيدة وسليمة وأن التقليل من دور وفاعلية وأهمية هذه القبعة أي السوداء سيؤدي إلى انخفاض نسبة نجاح القرارات إلى درجة كبيرة، لذا فهو يرى بأن التسلسل مطلوب حتماً عند استخدام القبعات الست لنجاح أي عمل ومشروع.
نسأل الله أن يمهد ويهيئ لهذه الرؤية أسباب وفرص النجاح والتحقيق والتمكين.