جاسر عبدالعزيز الجاسر
كتب فقراء العراق الفصل الأخير لنهاية حكم المحاصصة وعملاء الاحتلال الأمريكي والتبعية لولاية الفقيه الصفوية، إذ انتفض العراقيون عن شيعة وسنة على من استولوا على العراق وحوّلوه من بلاد للخير والعيش الكريم إلى دولة فاشلة بكل ما تحمل الكلمة من معاني وأبعاد.
العراق الذي كان ينثر الخير والنماء في جميع أرجائه ويقاوم الحصار ويعيش أبناؤه من إنتاج أيديهم، أصبحوا يتسولون رغم إنتاجه الكبير من النفط بكونه ثان دولة في الإنتاج، ومع هذا يعيش المواطن العراقي فقراً مدقق، في ظل انعدام تام للخدمات الصحية وتردي المستوى التعليمي وافتقار شامل للخدمات البلدية والاجتماعية.
هذه الحالة المزرية التي أوصلها من حكموا العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وبعد سقوط هذا البلد العظيم في دائرة الهيمنة والنفوذ الفارسي، حصرت خيراته العديدة في دائرة ضيقة من المنتفعين من مرتزقة السياسة الذين ولاؤهم لخارج الحدود التي شهدت تهريباً لأموال العراق، إذ تضخمت أرصدتهم في بنوك أمريكا وبريطانيا ولبنان ودبي وعمان وطهران، وأقاموا لهم أماكن آمنة في تلك البلدان التي يحملون جنسياتها تجعلهم مستعدين للهرب من العراق بعد أن سرقوا خيراته ومنعوا لقمة العيش الكريم من أفواه أبنائه المحتاجين. ولأن الأفواه الجائعة، والفقراء المحتاجين لا ينتظرون طويلاً بعد أن جف ضَّرعُ البقرة الحلوب التي شبع من ثديها حتى الثمالة عصابة المحاصصة الطائفية والعرقية وعزلوا أنفسهم بعوائلهم وحراسهم خلف الأسوار ظناً من أن ذلك يحميهم من غضب فقراء الشعب الذين أسقطوا أسوار الحكم تلك في انتفاضة عارمة أسقطوا من خلالها أسوار الحكم الجائر الذي ينفذ أجندات المحتلين من أتباع الفرس والعم سام، ولم يصمد من ظلوا طوال عقد ونصف يستنزفون خيرات العراق أمام ثورة الفقراء فهربوا من المنطقة الخضراء التي ظنوا بأنها تحميهم من غضب الشعب وشاهدنا سياراتهم تهرب من المنطقة الخضراء، وبعضهم لجأ إلى القوارب عابرين نهر دجلة من جهة الكرخ حيث المنطقة الخضراء إلى جهة الرصافة، بعضهم اتجه إلى معاقلهم الطائفية والبعض الآخر إلى مطار بغداد وهروباً إلى الدول التي هرّبوا إليها أموال العراقيين والتي يحملون جنسياتها.
انتفاضة العراقيين التي أشعلها رجل الدين الشيعي العربي الانتماء والأصل مقتدى الصدر يفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق المعاصر الذي يحوي العديد من المواقف التي تؤكد بأن العراقيين لا يمكن أن يستكينوا للمحتلين حتى وإن تدثروا برداء الطائفية والمذهبية المقيتة، فالذين اقتحموا المنطقة الخضراء وسيطروا على مجلس النواب العراقي الذي كان عنواناً للتبعية وللمحاصصة المذهبية والعرقية والذي يكرس تقسيم العراقيين، معظمهم من الشيعة العرب الذين ثاروا وانتفضوا على ما قام به الشيعة الصفويين من أتباع ولاية الفقيه سواء كانوا يتبعون نوري المالكي أو عمار الحكيم أو إبراهيم الجعفري، فجميعهم سقطت أقنعتهم بعد فضحهم من قبل العراقيين العرب الذين لم يسقطوا في فخ الطائفية التي أراد عملاء ملالي إيران تكريسها في العراق.
مخاض ثورة العراق في بداياته وأيضاً محاولات إجهاض هذه الثورة بدأت سواء من قبل منظمة بدر أو مليشيات الحشد الطائفي بعد استدعاء مرتزقته إلى بغداد لمواجهة المنتفضين وهو ما يجعل الاحتمامات مفتوحة، إلا أنها تظهر أن مخطط احتواء الشيعة العرب قد فشل وأحبط من قبل العراقيين الشرفاء الذين لا يفرقوا بين شيعي عربي أو سني عربي، وحتى الكردي والتركماني العراقي.