أمل بنت فهد
ربما الحديث عن العشق كدخول أرض شائكة لا يمكن أن تطأ أرضها دون أن تجرحك الشكوك.. وتكون في مرمى سهام الريبة.. رغم أن العشق عربيٌ.. استماتت قصائد العرب لتعطيه الوجاهة.. وباحت بقصص العشاق لتمنح الأجيال إرث المشاعر والتضحيات في أسمى معانيها.. لكن اليوم بات العشق في العالم العربي جريحاً ومعتقلاً ومكبلاً.. والتهمة غامضة.. وملف قضيته متداول بين المدعي والقاضي في كل جلساته.. دون محام!
كان للعشق ماض مشرف.. يوم كان العاشق يرى في امرأته مستقبلا لا يقبل انفصالها عنه.. ولا تسأل عن التضحيات فهي دون حدود ومهدومة السقف.. كان العشق لا يستطيع البقاء طويلاً في الزوايا المظلمة.. وخلف الأبواب الموصدة.. شجاع لا يقبل إلا النور.. كان له احترام وموقف وكلمة مسموعة.
لكن اليوم والعشق يتلو الوصايا من المنفى.. يخبر الدنيا أن من تسمى باسمه وعاش بيننا زيف وتيه ويمكن أن يكون أي شيء.. عدا أن يكون عشقاً.
يقول العشق في آخر دفاع له عن أمجاده:
أنا الصادق يا جماعة افتتان اللحظة.. لغتي لم تشتك ركاكة قصائد الحب المؤقت.. أنا القصيدة التي لا تموت جيلاً بعد جيل.
أنا رحمة الفرسان الشداد.. وأنتم فزع اللصوص.. هل أعدد خيباتكم؟
متى أصبحت نخوة العاشق وكرمه «خرفنة»؟
متى كان نفض الجيوب الغافلة شطارة أنثى لعوب؟
متى كان العشق رقا وجمعا للضحايا وفتح الفتوح؟
كيف أصبح العشق مرضاً تقام لعلاجه مجالس الإصلاح والمعالجة بعد إذ كان هبة من رب السماء لا تمنح لكل أحد!
متى باتت المشاعر أرخص ما تملكون؟
كيف للبيوت أن تبقى حية وصامدة وتقاوم دون عشق ينثر الفرح والتضحيات دون حساب!
العشاق سفراء السلام أينما وجدوا.. فمن سرق هيبة العشق؟ ومن اعتقله وما هي تهمته؟ ومن هذا الذي بيننا يعيش ويدعي أنه عشق؟
كيف نشرح لأبنائنا أن القلوب ليست لعبة يمكن العبث بها دون أن تدمرهم؟
كيف نعيد العشق لحياتهم الخالية من النبض.. ليضخ فيهم نشوة الترقب.. والأحلام؟
كيف يثقون من جديد.. بعد أن سُحقت الثقة تحت ظلم النزوات والرغبات!