رجاء العتيبي
يعرف المراقب لحراك رؤية السعودية 2030 أنها تسير من خلال فكر حيوي وعقول متقدمة وتوجه اقتصادي, وكل حركة تعني الشيء الكثير, ولو رحت تلقي نظرة سريعة على إعادة (المسميات) الجديدة للدوائر الحكومية القديمة والجديدة التي أعلن عنها السبت الماضي, لوجدت أنها مختارة بعناية تنبع من طبيعة عملها, مثل: الهيئة العامة للرياضة, بدلاً من اسمها القديم (الرئاسة العامة لرعاية الشباب), وأهم ما فيه هذا الاسم الجديد هو بروز مصطلح (كفاءة الإنفاق) من بين سطور الاسم الجديد, حيث كانت الرئاسة ولسنوات طويلة تتلقى ميزانيات لم تنجح سوى في الرياضة وبقية الأنشطة الشبابية لم تكن بذات المستوى المطلوب ما يعني الصرف -لسنوات طويلة- على أنشطة شبابية غير مجدية وغير مؤثرة وغير طموحة, وكانت تؤدى كتحصيل حاصل تنتهي بكتابة تقرير ورقي يؤكد تنفيذ النشاط وحسب.
خذ على سبيل المثال أيضاً: أنشطة الترفيه كانت تمارس -زمان- بشكل عشوائي وبدون اعتراف رسمي وغالباً ما تتعرض لإيقاف مجتهدين غير رسميين هنا وهناك, وتنتهي المشكلة بلا نتيجة فلا تعلم من على صح ومن على خطأ, المهم أن النشاط الترفيهي توقف وكفى, أو أنه أقعد آخرين عن الدخول في هذا المجال مستقبلاً, لعلمهم أن الترفيه غير محمي من الجهات الرسمية ذات العلاقة, مثل: وزارة الثقافة والإعلام أو جمعيات الثقافة والفنون أو وكالة الشؤون الثقافية.
وعندما تأتي (الهيئة العامة للترفيه) يأتي معها اعتراف رسمي من الدولة بأن هذا المجال مسموح به, ما يعطي لرجال الأعمال منطقة آمنة يضخون فيه رؤوس أموالهم بكل ثقة, فيما يجعل المعترضين يفكرون ألف مرة في اقتحام نشاط ترفيهي لا يملكون فيه أي قرار, هذا عطفاً على أن (الترفيه) بشتى صوره, مطلب اجتماعي قديم ظل مغيباً كل هذه السنين, وها هو يعود بقوة مع رؤية السعودية 2030.
الهيئة العامة للثقافة هي الأخرى ظهرت بعد سنوات طويلة من المطالبات, جاءت كصيغة مؤسساتية جديدة نأمل أن تجب ما قبلها وتعيد خارطة الثقافة من جديد, بما يتوافق مستجدات العصر, سواء على مستوى العقول أو على مستوى القادة أو على مستوى المحتوى, فالمسمى لا يكفي إذا كان سيسير بنفس الاستراتيجية القديمة, ولو سار الأمر كما هو فإن النتيجة ستبقى كما هي.
هذه لفتة ذكية من رؤية السعودية 2030 في مجال الثقافة والفنون والترفيه ما كانت لتتم لولا العقول المتمكنة التي تدير هذه الرؤية بكفاءة عالية, فكل قرار ينطلق منها يحقق مضمون الاستراتيجية, وهذا (الصح), بمعنى أن أي اجتهاد أو قرار لا يحقق مضمون الرؤية لا قيمة له, وكل اعتراض ينطلق من رؤى حزبية أيا كانت -بالتأكيد- لا قيمة له, فالدولة واحدة والرؤية واحدة والشعب السعودي واحد.