د. أحمد الفراج
حفلت الأيام الماضية بحرب شعواء، بين المرشح الجمهوري، دونالد ترمب، من جهة، وبين رموز الحزب الجمهوري، من جهة أخرى، وهذا أمر غريب، إذ مضى زمن طويل، قبل أن تصبح الانتخابات التمهيدية للرئاسة على هذا المستوى من الإثارة والتشويق، وللحق، فإن من بدأ كل ذلك كان ترمب ذاته، فهو بالغ في ازدراء خصومه الجمهوريين، وأساء لهم إساءات بالغة جدا، فبعد أن كال كل اتهام ممكن للمرشح الجمهوري، جيب بوش، تبع ذلك بالمرشح ماركو روبيو، ثم ختمها بتحقيره للمرشح، تيد كروز، وكانت اتهاماته لكروز، تحديدا، من النوع الثقيل، وغير المقبول ذوقا، حتى في الحملات الانتخابية المماثلة، فقد تهجم على زوجة كروز، وقال إنها قبيحة الشكل، ثم قال إن والد كروز قد يكون شارك في جريمة اغتيال الرئيس الشهير، جون كينيدي، وعدا عن حالات نادرة، فإن لغة ترمب الحادة، والبذيئة غير مسبوقة في التاريخ السياسي لأمريكا.
نعم، لقد أجبر دونالد ترمب الجميع على الاعتراف بفوزه بالترشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة . هذا، ولكن خصومه الجمهوريين تسابقوا إلى الإعلان عن عدم دعمهم له، ما يعني انشقاقا واسعا بالحزب، وهذا ما كان يخشى منه قادة الحزب الجمهوري، عندما حاولوا إزاحة ترمب من السباق، فبعد أن تهكم المرشح الجمهوري، وحاكم ولاية اوهايو الهامة، جون كيسك، بفكرة انضمامه لحملة ترمب كنائب للرئيس، سارع المرشحان الجمهوريان السابقان، ماركو روبيو وتيد كروز، إلى إعلان عدم دعمهم لمن يفترض أنه رفيق دربهم في ذات الحزب، أي دونالد ترمب، ثم جاءت الطامة الكبرى، عندما أعلن الرئيسان السابقان، جورج بوش الأب، وجورج بوش الابن، عن رفضهم لترشح ترمب، وذلك، ربما، نكاية به، بعد إساءاته البالغة للمرشح، جيب بوش، وكأن هذا ليس كافيا، إذ أعلن أقوى سياسي جمهوري حاليا، بول راين، رئيس مجلس النواب، بأنه غير مستعد لدعم ترمب، وهذه صدمة لترمب، إذ أن عدم دعم كل هذه الشخصيات الجمهورية البارزة له تعني أن طريقه لن يكون مفروشا بالورد.
ورغم كل ذلك، فإن دونالد ترمب لا زال يواصل حملته الانتخابية، ويحتفل بفوزه، غير مكترث بكل ذلك، لأنه يعلم أنه أجبر الحزب الجمهوري على الاعتراف بترشحه للرئاسة، بعد أن كسب صوت الشعب، وربما أنه يدرك في قرارة نفسه أنه سيستطيع إجبار الجمهوريين الرافضين لترشحه، حاليا، على الاصطفاف معه، عندما يقترب موعد الانتخابات، ففي النهاية يقتضي البروتوكول الحزبي الاصطفاف خلف مرشح الحزب، أيا كان، ومهما كانت المواقف منه رافضة، ولا زلنا نذكر كيف دعمت هيلاري كلينتون خصمها الشرس، باراك أوباما، ضد المرشح الجمهوري جون مكين، في 2008، وذلك رغم كل المعارك الشرسة التي خاضها الاثنان في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ومع ذلك فإن هناك من يظن أن الوضع مختلفا هذه المرة، وأن الإساءات التي ارتكبها ترمب ضد خصومه الجمهوريين لن يتم نسيانها منهم بسهولة، وما علينا إلا أن نواصل متابعة تطورات الأحداث، فالمؤكد أن انتخابات هذه العام غير عادية على الإطلاق .