حمد بن عبدالله القاضي
* * لم تعد «الثقافة» هامشاً في منظومة نماء وحاضر ومستقبل الدول الأكثر تقدماً.. بل أضحت مكوناً من مكونات نمائها واقتصادها وغدها.
من هنا كان لحضور الثقافة الوطنية في الرؤية السعودية عبر عدة مسارات عديدة نصت عليها الرؤية:
* الأول: بجعلها مفردة مهمة في وعي المواطن ليسهم في بناء وطنه وأمنه وسموقه على بصيرة، فالإنسان هو مرتكز المنظومة التنموية وكلما كان أوفر ثقافة، ووعياً كلما كان أكثر عطاءً وفكراً وإنجازاً.
* الثاني: كون الثقافة من خلال منظور الرؤية السعودية رقماً اقتصادياً يسهم باقتصاد الوطن عندما تكون عامل جذب سياحي لأبناء الوطن بالتطواف والاصطياف والزيارة لمعالم وآثار ومتاحف ومتنزهات وطنهم، وبالنسبة للآخرين تحفز على زيارتهم المملكة والسياحة فيها للاطلاع على إرثها الحضاري والإنساني منذ آلاف السنين.
* الثالث: جعلت الرؤية للثقافة جانبها الترفيهي بالاستمتاع بحضور المناشط والملتقيات الثقافية والمسرحيات وغيرها.
* الرابع: الذي تناولته «الرؤية السعودية» تحديد أبرز الآليات لتحقيق أهداف الرؤية في جانبها الثقافي والترفيهي وذلك ببناء المتاحف والعناية بالآثار والمسارح ومشاركة القطاع الخاص بذلك.
* * *
وهذا سيتبعه عدد من المناشط الثقافية الجاذبة والمعارض الفنية الإبداعية وتقديم المسرحيات التي تجمع بين التوعية والترفيه وهذا من شأنه أن يحوِّل جزءاً من المليارات التي يصرفها مواطنوهم بالخارج، لتصرف بالداخل عندما يقضون بعضاً من إجازاتهم فيها، سواء كانت الإجازات الصيفية أو الأعياد، فضلاً عن جذب الزوار غير السعوديين، وهذا يدر على الخزانة العامة وعلى القطاع الخاص لدينا كما لدى غيرنا بلايين الدولارات.
إن من يقرأ باقتصاديات الدول المتقدمة يجد أن «الاقتصاد المعرفي» كما يطلق عليه، أضحى مصدراً ثريّ العطاء في اقتصادياتها الوطنية.
من هنا فإننا في وطننا نتطلع أن يكون «لثقافتنا الوطنية» مردودها الاقتصادي، فضلاً عن مردودها المعرفي والتوعوي والترفيهي.
* * *
لقد ورد بأهداف الرؤية:
«الثقافة والترفيه من مقومات جودة الحياة، وندرك أن الفرص الثقافية والترفيهية المتوافرة حالياً لا ترتقي إلى تطلعات المواطنين والمقيمين، ولا تتواءم مع الوضع الاقتصادي المزدهر الذي نعيشه، لذلك سندعم جهود المناطق والمحافظات والقطاعين غير الربحي والخاص في إقامة المهرجانات والفعاليات، ونفعّل دور الصناديق الحكومية في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، ليتمكن المواطنون والمقيمون من استثمار ما لديهم من طاقات ومواهب، وسنشجع المستثمرين من الداخل والخارج ونعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، ونخصص الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها، وسندعم الموهوبين من الكتّاب والمؤلفين والمخرجين، ونعمل على دعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوعة تتناسب مع الأذواق والفئات كافة، ولن يقتصر دور هذه المشروعات على الجانب الثقافي والترفيهي، بل ستلعب دوراً اقتصادياً مهماً من خلال توفير العديد من فرص العمل».
وقد تبلورت هذه الأهداف للرؤية بجانبها الثقافي والترفيهي بما صدر من أمرين ملكيين:
الأول: إنشاء هيئة عامة للثقافة.
الثاني: إنشاء هيئة عامة للترفيه.
* * *
كما نصت الرؤية على الآليات التي تحقق هذه الأهداف الثقافية والترفيهية والاقتصادية:
«دعم وسائل الثقافة والترفيه، بزيادة الأنشطة الثقافية والترفيهية وتنويعها للإسهام في استثمار مواهب المواطنين، وسنطور الأنظمة واللوائح بما يساعد على التوسع في إنشاء أندية الهواة والأندية الاجتماعية والثقافية وتسجيلها رسمياً، وسنطلق البرنامج الوطني «داعم» الذي سيعمل على تحسين جودة الأنشطة الرياضية والثقافية، ويوفر الدعم المالي اللازم لها، ويُنشئ شبكات وطنية تضم كافة النوادي، ويساعد في نقل الخبرات وأفضل الممارسات الدولية لهذه الأندية وزيادة الوعي بأهميتها.
وبحلول عام (1442هـ - 2020م)، سيكون هناك - بإذن الله - أكثر من (450) نادي هواة مسجلاً يقدم أنشطة ثقافية متنوعة وفعاليات ترفيهية وفق منهجية منظّمة وعمل احترافي.»
* * *
وقد أبان وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي الأهداف التي ترمي إليها الرؤية في الثقافة الوطنية حيث قال في تصريح شامل نشرته صحيفة الجزيرة:
«إن الرؤية السعودية للجانب الثقافي تتجه إلى صناعة واقع ثقافي يتميز بمستويات عالية من الجودة والتنوع بما يحقق تطلعات المواطن والمقيم ويتواءم مع مكانة المملكة ووضعها الاقتصادي المزدهر ولذلك اعتمدت الرؤية السعودية 2030 في الجانب الثقافي على عدة آليات منها: دعم جهود مناطق المملكة ومحافظاتها في إقامة المهرجانات والفعاليات المختلفة، دعم الموهوبين من الكتّاب والمؤلفين والمخرجين، دعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوعة تناسب الأذواق والفئات المختلفة، وذلك يوضح الاتجاه الحكيم إلى صناعة مسارات جديدة في تفعيل مجالات الثقافة والإعلام.
وأضاف معالي وزير الثقافة والإعلام قائلاً: لقد ركزت الرؤية على جانب تعزيز وتكريس وتنويع مفهوم صناعة الثقافة عبر جملة من الآليات ومنها: دعم القطاعات غير الربحية والخاصة على إقامة المهرجانات والفعاليات المتنوعة، تفعيل دور الصناديق الحكومية المختلفة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، تشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة، عقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، تخصيص الأراضي لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها.
وبعد:
حسب «الثقافة» أهمية وضرورة أن هذه «الرؤية» نفسها بحاجة إليها وإلى التوعية عن طريق وسائلها ليتم تفاعل المواطنين معها ويفهمون أهدافها، وتتوفر القناعة التامة لديها بها، لكي يمارسوا دورهم وإنجازهم المطلوب في تجسيدها واقعا ًعلى أرض الوطن.
الرؤية إنسان هدفاً ومستهدفاً.