د.عبدالعزيز الجار الله
في كل حادثة دولية نشعر أن هناك قوى غربية تسعى إلى توريطنا في قضايا دولية معقدة، فبعد وقوع التفجيرات في 11سبتمبر تحركت بعض القوى مباشرة بالزج باسم السعودية متهماً وحيداً بالتفجيرات، ومنذ 2001 ونحن نعاني من تبعات سبتمبر بالتورّط، واليوم تأتي ما يسمى بنتائج التحقيقات وتم وضعنا على قائمة المتورطين بعد أن وافق مجلس الشيوخ الأمريكي بغالبيته على مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا اعتداءات سبتمبر بمقاضاة بلادنا في المحاكم الدولية وموافقة أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري على مشروع المقاضاة، وهذا شكل من أشكال الابتزاز الذي تتعرض له الدول الإسلامية والعربية منذ أزمنة بعيدة، ففي الحرب العالمية الأولى قسمت الأراضي العربية عبر خطوط سايكس بيكو، وفي 1948م أعطيت فلسطين لليهود الوعد والاحتلال، واستمر الغرب في إضعاف العرب وكسر إرادتهم حتى جاء 11سبتمر، حيث اتهم الخليج والسعودية والعرب والإسلام وانتقل الأمر من الاتهامات إلى المطالبة المالية عبر إلصاق التهم ببلادنا كي تدفع كل الفواتير التي سجلت من بداية الانفجار حتى اليوم.
قدر المملكة التاريخي والجغرافي والديني أن تكون هي قلب العرب والإسلام، وبالمقابل فإن الغرب المستعمر منذ أن كانت روما وبيزنطة وأخيراً الأطلسي والاتحاد الأوروبي وهذا الغرب يتمدد جنوب البحر الأبيض وشرق المتوسط سعياً إلى إضعاف بنائين هما: الإسلام والعروبة. يسعى إلى هدم وتفكيك وإجهاد الكيانات العربية عبر فاتورة سبتمبر وتشجيع الانفصال والفوضى بعد ربيع العرب في: اليمن، سورية، ليبيا، العراق.
السعودية حاربت الإرهاب قبل أن تكون انفجارات سبتمبر وتعاونت مع جميع الدول لمحاصرة الإرهاب واليوم (2016) يراد لها أن تكون في قفص الاتهام وتدفع مالياً فاتورة كل ما ترتب من عمل منظمة القاعدة التي كان مقرها أفغانستان، وكنا نحن السعودية من ضحايا جرائمها وما زلنا نحاربها ولا تتأخر هي في تنفيذ عملياتها إذا سمحت لها الفرصة.
هذه الاتهامات تدفعنا إلى إعادة النظر في كل التعاملات والإجراءات السياسية والإدارية والاستخباراتية والفنية مع أوروبا وأمريكا وروسيا، فالكثير من الدول وقع في تلك المنزلقات، والوطن العربي تعلّم جيداً من تجربة 11سبتمبر والربيع العربي أن الغرب سريع التحول في سياساته وتغيير مواقفه وأن الوطن العربي ما زال في نظر الغرب سلعة وقابلة للمزايدات وأن روما هي روما القديمة، وبيزنطة هي نفسها وأن الخلاف الذي طرأ على معادلة الماضي أن الغرب كان يحارب بادية العرب على تخوم الجزيرة الشمالية، ثم الخلافة الإسلامية الأموية والعباسية، ثم الخلافة العثمانية، واليوم يحارب الغرب كل دولة منفردة وبأجندة مختلفة.
المرحلة الحالية هي من الأيام العصيبة على العرب والإسلام وتشابه عام 1917 نهاية الحرب العالمية الأولى حين كانت البلدان العربية تُباع بالمزاد العلني.