سمر المقرن
تروي لي صديقة تقدمّت على وظيفة، وطُلب منها إجراء فحوصات طبية كاملة، من بينها فحص المخدرات. أعجبني جداً حرص هذه الجهة على هذا الإجراء، الذي أعتدنا أو عرفنا أنه لا يتم إلا في القطاعات العسكرية، فلماذا لا نُعمم التجربة إذا ما نظرنا إلى أن كثير من القطاعات خصوصاً التي يكون فيها مقابلة جماهير يحصل فيها أشكال عدة من المعاناة والمشاكل بسبب وجود موظفين من المدمنين على المخدرات؟! وأن يُصبح شرط هذا الفحص هو شرط الحصول على الوظيفة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، بل ويكون هناك إجراء فحص دوري «مفاجئ» كالذي يُجرى على العسكريين؟
أضف إلى ذلك، وبعد برامج التعاون التي بدأت مؤخراً بين اللجنة الوطنية العامة لمكافحة المخدرات ووزارة التعليم، أقترح أن يكون شرط فحص المخدرات من ضمن شروط قبول الطلاب والطالبات بالجامعات، وأن يوضع في كل جامعة مكتب أو عيادة المهم جهة تُمثل مكافحة المخدرات، تعمل على إيجاد آلية للفحص الدوري كما تعمل على وضع أنشطة توعوية طوال العام. وجود ممثلية دائمة لمكافحة المخدرات بالجامعات من شأنها أن تعطي رادع قوي لمن يمشي في هذا الطريق، وتمنح الأهالي الشعور بالاطمئنان من يقظة هذه الجهات وتواجدها الدائم في الجامعات.
إن الحرب على المخدرات هي حرب دائمة، لا يُمكن أن تنتهي وليس فيها هزيمة أو نصر، إنما نتيجتها عندما تكون جميع الجهات متيقظة لما يحدث هي المحاصرة، وإيقاف أهداف تلك العصابات التي تستهدف عقول أبنائنا، لأنها تعلم جيداً أنها لن تنتصر في أي حرب ضدنا، لذا مدخلها الوحيد هو هذه الآفة التي تقتل العقول، حتى أن المدمن ولو تعافى وتاب فإنه لا يُمكن أن يعود -أبداً- كما كان قبل الإدمان.
دور المكافحة لا يتوقف عند الجهات الأمنية والتعليم والتوظيف والأهالي، بل إن هناك دور كبير ومهم يتحتّم على وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، أن يُناط بها، وأن تعمل على تفعيل البرامج الدعوية لمكافحة المخدرات، وأن يتم الإيعاز لخطباء وأئمة المساجد بأهمية طرح هذه القضية في خطبهم بشكل دوري بدلاً من اهتمام -بعضهم- بتوافه الأمور كالمرأة وعباءتها أوقيادتها للسيارة، وقضايا التناحر والتنافر في المجتمع، فهناك قضايا أهم تحتاج إلى دور المسجد وأن يقترب الخطيب من الشباب في هذه المواضيع التي سيكون الجميع معه وفي صفه ولن يختلف معه أحد.
إن ارتفاع مُعدل قضايا تعاطي المخدرات بحسب اللجنة الوطنية هو أرتفاع مُخيف، ويحتاج إلى تعدد الأدوار والمسؤوليات لإنقاذ الشباب والمجتمع من الدمار!