مهدي العبار العنزي
بناء المجتمعات من الأهداف التي يطمح إليها الناس لأن هذا البناء يحقق لأفراد المجتمع الرفعة والعزة والوصول إلى الغايات النبيلة، وعلى مر العصور والأجيال فإن للشباب الدور الفاعل والمؤثر في ذلك العمل الإنساني العظيم حتى إن سيد البشرية ومنقذها من براثن الجهل والتخلف نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم قال (نصرت بالشباب)، وهذا دليل على أهميتهم في تنمية المجتمع ومنعته وقوته، ولأنهم همة الإسلام أعطاهم نبينا الكريم مسؤولية قيادة الجيوش والألوية والسرايا التي كان الهدف من تشكيلها إعلاء كلمة الله ودحر الظلم وردع الشر، لقد كرم الإسلام بسماحته الشباب واعتبرهم عماد الأمة وسر نهضتها وهم بناة حضارتها وأمجادها، إنهم الشباب الذين أخذتنا مشاغل الحياة والطمع في الدنيا عنهم ومع ابتعادنا عنهم ابتعد كثيراً منهم عن الطريق السليم، ولم نعلم ولم ندرك أن هذا التباعد سبب رئيسي في تفاقم المعضلات التي نشاهدها الآن. إننا نردد في المجالس أن الشباب هم حماة الوطن وهم عدة المستقبل وهم درع الأمة وهذا كلام لا غبار عليه ولكن هل كلفنا أنفسنا جماعات وأفراد على تنمية هذه القيم في عقول شبابنا وهل ساهمنا في إزالة المعوقات التي تعترض طريقهم؟
لا لم نساهم، وهل كلف العلماء أنفسهم بالتحاور والتدارس بطريقة علمية مستمدة من شريعة الحق تبارك وتعالى الغرض منها إيضاح الحقائق وإيصال المعلومات الصحيحة التي توحد ولا تفرق وإفهامهم أن هناك الكثير من الأقاويل والفتاوى المضللة التي صدقها البعض والتأكيد عليهم أنها صادرة من أشخاص لديهم نزعة التطرف والغلو أليس من الأجدى أن يبين العلماء للشباب أن الغلو ليس من الدين؟ أين وسائل الإعلام عن إيجاد برامج هادفة ومفيدة تنمي مواهبهم وقدراتهم على تحمل المسؤولية وإفهامهم أنهم أحفاد أولئك الأخيار الذين ملئوا الدنيا علماً ومكارم أخلاق وعفو وتسامح، وأين العقلاء من إرشاد شباب الوطن أن لهم إخوة يدافعون عن الحدود ويضحون بدمائهم من أجل حماية المقدسات وصون المحصنات وحفظ المكتسبات وترسيخ الأمن والاستقرار في بلاد الحرمين، ليس عيبا أن نقول لهم بصوت واضح إن وطنهم وخدمته أهم من القتال في سوريا والعراق، والوطن بمساحته وشموخه أهم كثيراً من كل البؤر الموبوءة ومناطق الصراعات الطائفية والمذهبية.