سمر المقرن
الشعور بالغيرة على الأهل والأعراض هو سلوك حميد، شرط أن تكون هذه الغيرة متوازنة ومبنية على أسس فكرية راقية، كونها تحيد عن المنطق والعقل وتبتعد عن التوازن هنا تشتعل الكوارث، كما حدث في القصة التي أشعلت الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي حول زوج المرأة التي قام بتوليدها طبيب فتوجه إليه وأطلق عليه الرصاص.
هذا الرجل وكُثر أمثاله، قد فهموا معنى الغيرة على الأعراض بشكل خاطئ، لذا فمن الطبيعي أن تكون مُخرجاتهم من خلال سلوكيات خاطئة. وأصنف -شخصياً- هذا الزوج بـ(المجرم الضحية) فهو مجرم لأنه أمسك بالسلاح وأراد أن يقتل به إنسان من حقه الحياة، وهذا الإنسان قام بإنقاذ زوجته ومولوده من الموت، لأنه من المعروف في حالات الولادة الطبيعية أن تقوم بها «قابلة» متخصصة بالتوليد، ولا يتدخل الطبيب إلا في الحالات الطارئة. أما كون هذا المجرم ضحية فهو ضحية مجتمع تم ضخ أفكار مغلوطة بداخله حول المجتمع الصحي بشكل عام، وحول مبادئ الغيرة غير المحمودة التي صارت تفتقد لأبسط الأخلاقيات كما فعل ذلك المجرم.
وبعد أن يخرج هذا الرجل من السجن هل سيتوب؟ لا أظن فمن يبيح لنفسه قتل إنسان باسم الغيرة الخاطئة، قد يبيح لنفسه هذا مرة أخرى، وسيُنتج جيلاً يحلل لنفسه القتل باسم الغيرة!
المجتمع عانى من الضخ الديني (الإخواني- الصحوي) لسنوات طويلة، ولن يتخلص منها بهذه السهولة، وها نحن نجني ما زرعته الصحوة في عقول المجتمع حتى وصلنا إلى الجرأة على القتل باسم الغيرة على الأعراض، وهذه ليست أول قضية تحدث ولن تكون الأخيرة. ولو نظرنا بعمق أكثر إلى تفاصيل الحادثة فمن هو هذا الرجل الذي سينظر لامرأة في حالة ولادة، وأظن لو أن الزير سالم المشهور بعشقه للنساء شاهد امرأة تلد لكره النساء، فأي منظر جميل يغار عليه ذلك الرجل الذي أجرم بحق نفسه وزوجته ومولوده وبحق طبيب يحمل راية الإنسانية وأجرم بحق مجتمع بأكمله من خلال تشويه صورة الرجل السعودي الذي أنطلق الإعلام الغربي ليجعل هذا الرجل أنموذجاً له، كما جعل من قبله -بعض- أصحاب الأراء الدينية الشاذة أبطالاً لصفحاتهم وشاشاتهم!
إن القضية ليست فردية، بل هي قضية مجتمع بحاجة إلى إعادة هيكلة للمفاهيم الدينية والأخلاقية، والعمل على محو كل الأفكار السلبية في التعاملات الإنسانية سواء في مستشفى أو بنك أو أي مكان عام آخر، وحتى في داخل المنزل!