سام الغُباري
يقتحم البروفيسور اليمني «أحمد عبيد بن دغر» أبواب حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في مرحلة خطيرة ومفصلية من تاريخ البلد الذي يقاتل إنقلاباً همجياً على الشرعية الحكومية في كل الجبهات والمحافظات، ويمثل الرجل القادم من حضرموت اليمنية برصانته وحكمته المميزة إجماعاً عاماً لدى مختلف الفرقاء اليمنيين في الداخل والخارج .
- يتميز بن دغر بكونه مقاتلاً واعياً لخطورة التمدد الحوثي وأنساقه السلالية البائدة التي قضى عليها اليمنيون في جمهوريتهم الأولى والثانية فيما كان يُـعرف بالاحتلال السلالي والاستعماري بشطري اليمن آنذاك، حنكته الناضجة قادته إلى تأييد شرعية الرئيس هادي منذ اليوم الأول لإنقلاب الحوثيين الأسود في سبتمبر 2014م، وكان على رأس اللجنة الحكومية التي ذهبت لإقناع رجل الدين المغرور عبدالملك الحوثي بالتخلي عن محاصرة ميليشياته العاصمة صنعاء، قال له بوضوح أن الإنقلاب على الدولة سيستدعي تدخلاً خارجياً!، لم يسمعه أولئك المراهقون، فقد كانوا منشغلين بأطماعهم والتخطيط لابتلاع اليمن الذي وقف عصياً مع التحالف العربي أمام تحويل صنعاء إلى عاصمة رابعة تتبع ولي إيران المهووس بتصدير ثورته الفاشية.
- أستاذ التاريخ الذي تولى قيادة الحكومة اليمنية، ساعدته درايته التاريخية العميقة في معرفة أسباب الصراع الجذري وتعقيداته الخاصة في مجتمع عنيد ومتفاوت الثقافات والأفكار، تلك الإحاطة الواثقة ترفع السياسي إلى مرحلة نضج تدفعه لاختيار الطريق الصائب وتنفيذ خطة مارشال حقيقي لليمن على كافة المستويات، ومنها العمل بدأب متصل لحشد الوئام السياسي والشعبي خلف فكرة إعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، ومنع التكوينات المسلحة خارج الإطار القانوني، كما أن طموحه الوطني الصلب لتشكيل اليمن الإتحادي الجديد يتسق مع المخرجات والمرجعيات الأممية والمحلية التي توافق عليها اليمنيون، ومثلت اللبنة الأولى للخروج من دوامة الصراعات الحالية.
- كان الرئيس هادي بحاجة منذ اليوم الأول لإنتخابه رئيساً لكل اليمنيين في فبراير 2012م إلى مضلع القيادات الذي تشكل اليوم على رأس الهرم الحكومي وهما إضافة إليه، الفريق علي محسن الأحمر نائباً للرئيس ونائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، والدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيساً للحكومة، إنه فريق متناسق وعميق يدفعنا للتفاؤل بقدراتهم الخارقة لاستعادة كل الأيام الجميلة التي كان اليمنيين يعيشونها فيما مضى، وهم يفكرون بتطوير أمجادهم وأنظمتهم، وطموحهم يتوالد رغم كل مثالب الفساد والأنين .
- أحسب أني عرفت «بن دغر» جيداً، التصقت به رفيقاً لأكثر من سنة في غربتنا القسرية، وكان عملاقاً محبوباً من كل الذين جمعتهم غربة الرياض الإجبارية على إختلاف تنوعهم الحزبي والمناطقي، أفكاره الوحدوية جعلته يتجاوز حدود الأوهام الصغيرة ليحلق عالياً فوق سماء البلد الكبير الملبد بالغيوم، إنسانيته المتصوفة تكونت من طفولة شبام حضرموت بما لها من دعة وأناقة وتأثير، له قدرة خارقة على الصبر والتعامل برصانة في أقسى الظروف، وكان دائماً ما يرشدني إلى مصطلحات الصواب وانتقاء العبارات الملائمة بحصافة وعُـمق وأنا الذي لا يكف عن البوح بما في قلبه بتلقائية سببت لي الكثير من المتاعب والظنون السيئة .
- ما ينتظر الدكتور بن دغر ليس سهلاً، أمامه إستحقاقات غاية في الخطورة والحساسية تجعله فدائياً مغامراً، في وطن يتنازعه الموت وتدور في رأس المتربصين به أفكار التقسيم وأخطار الدويلات الصغيرة، غير أن صفات الرجل القيادية الفطرية تجعله مهندس الانتصارات الوطنية، وبطل الإدارة الذي يتجاوز الأوهام والحسابات الشخصية لينفذ من بوابة اليمن الكبير إلى التاريخ الذي جاء منه، وسينتهي إليه.
وإلى لقاء يتجدد