د.دلال بنت مخلد الحربي
تعيش مدينة الفلوجة واقعاً إنسانياً مراً؛ فهي بين كماشتي داعش والحشد الشعبي، وكلاهما تنظيم إرهابي، غير أن الحشد الشعبي رغم وحشيته وما يقوم به من أعمال إجرامية تتجاوز كل الأعراف، وتتجاوز كل ما يمكن أن يكون معادياً للإنسان والإنسانية فإنها تلقى قبولاً من دول غربية كثيرة التي لا تدين هذه الأعمال، ولا تتخذ موقفاً واضحاً من مشاركة هذا التنظيم في حصار الفلوجة.
إن الأخبار التي تتواتر في كل لحظة على صفحات الصحف والمحطات الفضائية ووسائل الاتصال الحديثة عن جرائم الحشد الشعبي المتمثّلة في قتل المدنيين والتمثيل بجثثهم وهدم المساجد تؤكّد على الهدف الطائفي لمشاركة الحشد الشعبي في معركة الفلوجة، ولعل من أكبر البراهين على مشاركة هذا التنظيم الإجرامي أن يكون المخطط له هو الإرهابي الإيراني المشهور قاسم سليماني الذي عُرف بمعاداته وكراهيته لكل من يخالف عنصره ومذهبه، وهو مؤجج للفتن ومخطط للقتل والتدمير..
وإن صحت الأخبار فإن من المستغرب جداًًً أن يكون داخل العراق وعلى الجبهة في خندق واحد مع القوات الحكومية ومع المستشارين الأمريكيين الذين يضعون الخطط فيما يُقال لاقتحام الفلوجة..
إن الصور المحزنة والمؤسفة لمأساة الفلوجة لم نجد لها أي صدى على المستوى الدولي، أما على المستوى العربي فليس هناك إلا الصمت إلا من دول قليلة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي عبّر وزير خارجيتها وسفيرها في بغداد عن تخوفهما مما يقوم وما سيقوم به الحشد الشعبي من عمل مخالف للأعراف الدولية ضد المدنيين العزّل في الفلوجة..
وليس أدل على طائفية الحشد الشعبي وسوء نيته من وضع صور نمر النمر الذي أدين رسمياً وحكم عليه وفقاً للانظمة العادلة بحكم خروجه على ولي الأمر، وإثارته للفتنة الطائفية، واستخدام صُوره دليل على النوايا السيئة التي ينويها هذا الحشد الإرهابي ضد السكان العزّل لا لشيء إلا لاختلافهم المذهبي عنه.
ليس لي في النهاية إلا الدعاء لأهل الفلوجة بأن يفرّج الله كربهم، وأن يفرج معاناتهم التي هي بين فئتين إرهابيتين: داعش والحشد الشعبي.