د. محمد عبدالله الخازم
تُعَدُّ وزارة الصحة من أكثر الوزارات التي تتعرض للنقد، لدرجة إطلاق أحكام أو عموميات حولها تفتقد الدقة ولا تستند لأسس موضوعية أو علمية رغم شيوعها بين الناس، وهو ما يعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح (ميث). سأتصدى اليوم لبعض هذه الأحكام غير الدقيقة، لأنني قلق من تحولها إلى قناعات راسخة تبنى عليها قرارات غير موفقة.
«يتكرر بأننا نصرف المبالغ الطائلة على الصحة دون جدوى تذكر وبأن القطاع الصحي يستهلك الميزانية. الأرقام عكس ذلك؛ حيث توجد أكثر من مائتي دولة تصرف على المجال الصحي (كنسبة من الدخل ووفق تقارير البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية) أكثر مما نصرفه، وتقع المملكة ضمن أقل أربعين دولة في هذا الشأن. طبعًا تلك أرقام 2014م والوضع ربما اتجه للأسوأ بسبب الظروف الاقتصادية وجمود العمل في وزارة الصحة عند حده التشغيلي الأدنى. كمثال؛ كندا وسكانها 35 مليونًا تبلغ فاتورتها الصحية 200 مليار دولار أو 600 مليار ريال، بينما الفاتورة نفسها في المملكة تقدر بحوالي 160 مليار ريال لجميع القطاعات.
«يردد البعض أن مشكلة الصحة إدارية فقط. أكيد؛ الإدارة مسؤولة عن المنتج، لكن الحقيقة أن القطاع الصحي يعاني من نقص في حجمه. مهما كان التَّميز الإداري، لا يمكن حل المعضلة الصحية دون إكمال واستحداث مشروعات تزيد من حجم الأسرة والخدمات الصحية بمختلف المناطق وعلى مختلف المستويات..
«تتهم وزارة الصحة بالفشل، وتتعثر إستراتيجيات الوزراء. الحقيقة هي أنه لا يمكن نجاح إدارة القطاع الصحي وفق النظام المالي والإداري الحالي. لا يمكن نجاح الخدمات الصحية - حتى ولو طبقت أفكار مثل الخصخصة والتأمين - وفق الإدارة المركزية الحالية، ولا يمكن تطوير الصحة دون تفاعل وتغيير على مستوى النظم المالية والإدارية. تصوروا لو كانت الرياض بلديات تتبع وزارة البلديات مباشرة وليست أمانة مستقلة..!
«يردد أن الأطباء أو الممارسين الصحيين فشلوا في إدارة وزارة الصحة. التطرف في الأحكام بسبب فشل اسم أو اسمين معضلة كبرى. الحقيقة أن القياديين من الأطباء والممارسين الصحيين هم من أسس وأدار هذه الصروح الصحية الضخمة بالوزارة وغيرها على مدى عقود وما زال كثير منهم يدير وبامتياز جامعات ومؤسسات صحية غير وزارة الصحة.
تقبل الله صيامكم وقيامكم... التقي بكم بعد رمضان.