هدى بنت فهد المعجل
في صباح يوم ما دخلت المطبخ وفي نيتي إعداد وجبة إفطار لي، وأنا بصدد إعدادها تذكرت أني لم أغلق باب المنزل خلف ابني عندما خرج، صعدت الدرج لغرفتي، أخذت سلسلة المفاتيح، نزلت الدرج، اتجهت إلى الفناء، لباب المنزل، أغلقته ثم عدت للمطبخ من أجل وجبة إفطاري التي نويت إعدادها بعد أن وضعت المفاتيح على طاولة المطبخ. وأنا منهمكة في إعداد الوجبة أتاني هاجس أن الباب مفتوح، ألتفت وفي نيتي الذهاب من أجل غلقه فوقعت عيني على سلسلة المفاتيح على طاولة المطبخ، فتذكرت أني قد أغلقت الباب.
مواقف تقع منا وتحدث معنا باستمرار عندما نأتي بأفعال وتصرفات بدون «انتباه ولا يقظة» فننسى أننا قد فعلناه. البارح كنت منهمكة في عمل، أثناء انهماكي وضعت نظارتي الطبية في جيب قميصي. انتهيت من عملي. احتجت النظارة عندما تفرغت للجلوس للقراءة، شرعت في البحث عنها، سألت ابنتي: «شفتي نظارتي»، أخذت تنظر لي ثم تنظر باتجاه جيب قميصي وتضحك، مددت يدي لمكان سقوط عينها، لجيبي فكانت النظارة التي كنت أبحث عنها. أثناء انهماكي في عملي وضعتها في جيب قميصي بدون «انتباه ولا يقظة». فما هو الانتباه؟ الانتباه: هو قدرة الفرد على تركيز حواسه على مثير داخلي فكرة، إحساس،… أو مثير خارجي شيء، شخص، موقف. بينما عدم الانتباه: هو ضعف القدرة على التركيز والقابلية العالية للتشتت وضعف المثابرة وصعوبة نقل الانتباه من مثير إلى مثير آخر أو من مهمة إلى مهمة أخرى. كما يقع منا الانتباه، يحدث أن لا ننتبه لأسباب، حيث أني على تأكد أن أكثرنا يأتي بأشياء وأفعال ثم ينسى أنه أتى بها إما لأن ذهنه أثناء إتيانه بالشيء أو بالفعل منصرف عن الفعل وقتها ومنشغل بشيء آخر وإما بسبب ازدحام الأشياء والأفكار في أذهاننا. الانتباه شيء سليم، بينما عدم الانتباه غير سليم، لكنه ليس دائماً مرضا يحتاج إلى علاج. أي فعل نأتي به دون تركيز معه نأتي به كما لو كنا نيام أثناء فعله. تلك هي مشكلتنا مع أغلب الأشياء التي نفعلها وننسى أننا فعلناها. كثرة الأعمال في الوقت الواحد سبب من أسباب النسيان. التفكير في شيء وعمل شيء آخر في وقت واحد سبب من أسباب النسيان الناتج عن ضعف الانتباه وغياب اليقظة. لو أننا مع كل فعل نأتي به ننتبه معه أو نتيقظ لما وقع منا النسيان. الانتباه حضور الذهن مع الحواس في وقت واحد. هل بينكم من فعل شيء ولم ينس أنه فعله؟ هل بينكم من وضع قلمه أو ساعته أو نظارته أو شيء من ممتلكاته ثم ينسى أين وضعها؟ غياب الانتباه حالة مر بها كل شخص تقريباً ويمر بها ونمر بها باستمرار. لماذا؟ لأننا لا نمارس جلسات إفراغ الذهن ممارسة يومية؟ لأننا نراكم الأشياء في أذهاننا شيء فوق شيء على شيء حتى تزدحم أذهاننا بها. لأننا لا نجلس جلسات تأمل نتأمل فيها تنفسنا، نتأمل الشهيق والزفير. لأننا لا نسحب كمية هواء في صدرنا نتركه فترة ثم نزفره بهدوء، نمارس هذا التدريب عدة مرات في اليوم. عندما نفعل أشياء كثيرة في وقت واحد، نشتت انتباهنا وتركيزنا ويقظة أذهاننا. نحقق لأذهننا الانتباه واليقظة والتركيز عندما نعمل بقاعدة الأولويات والثانويات وبينهما نجلس للاسترخاء وللتأمل وللتفريغ صامتين في مكان هادئ أول الصباح أو آخر الليل حيث وقت تحقق الصمت والهدوء والسكينة وقت يمكننا من التركيز علينا والانتباه لنا من الداخل. تهدئة الذات من الداخل. فإذا تحقق لنا الانتباه ومراقبة الذات من الداخل اتجه الانتباه والمراقبة إلى الخارج بالتالي أغلقت باب المنزل وأنا منتبهة يقظة ووضعت نظارتي الطبية في جيب قميصي وأنا بكامل انتباهي ويقظتي، وتركيزي معي يلازمني لا يغيب عني أبداً.