د. عبدالواحد الحميد
في مؤتمر طبي عقد في دبي مؤخراً اتفق المتحدثون على أن الأمراض الرئيسية المسببة لوفاة المواطنين الخليجيين هي أمراض القلب والسكري والجهاز التنفسي والسرطان والكلى. هذه هي أمراض المجتمعات التي تتوفر فيها أسباب الرفاهية، وهي تختلف عن الأمراض التي كانت شائعة في البلدان الخليجية قبل زمن الطفرة المادية.
مشكلة المجتمعات الخليجية التي أصبحت تُعد ضمن المجتمعات التي تتمتع بمستويات معيشية مرتفعة أنها صارت تعاني من المظاهر السلبية للرخاء المعيشي دون أن تكتسب بعض العادات الجيدة التي نراها في مجتمعات أخرى تتمتع بمستويات مرتفعة من الرخاء المادي.
ففي منطقتنا الخليجية أصبحت مدننا ملوثة بالأبخرة السامة، ولم نعد نتناول أغذية صحية كما كنا نفعل سابقاً، وهذا ما يحدث أيضا في أوروبا وأمريكا وفي العديد من البلدان الغربية؛ لكن ما نفتقر إليه مما هو موجودٌ في بعض تلك المجتمعات المرفهة هو بذل الجهد البدني وممارسة الرياضة بشكل كاف حتى أن بعضنا لا يمارس الرياضة على الإطلاق ولا يبذل أي جهد بدني!
لقد تخلى الخليجيون عن نمطهم المعيشي القديم الذي كان يتسم ببذل الجهد البدني وأصبحنا نعتمد على الغير في أداء معظم الأعمال التي تتطلب جهداً بدنياً، وتخلينا أيضا عن أنماطنا الغذائية الصحية وأصبحنا نفضل الأطعمة الجاهزة السريعة وخاصة الأجيال الجديدة التي لا يعلم إلا الله ماذا يحمل لهم المستقبل.
والسؤال الذي يتردد دائماً هو هل سوف تستطيع أنظمتنا الصحية أن تتعامل مع هذه التطورات السلبية، فأنظمتنا عاجزة عن تلبية المتطلبات الحالية كما هي الآن فضلاً عما سوف يتراكم من سلبيات الأنماط المعيشية المكتسبة؟
المؤتمر الذي عقد في دبي ليس إلا واحداً من العديد من المؤتمرات والندوات والدراسات التي تحذر مما يسمى بـ»الأمراض المزمنة» التي بدأت تغزو المجتمعات الخليجية، لكننا ما زلنا نراوح في نفس المكان متسائلين كيف نطور أنظمتنا الصحية لمواجهة هذه الأمراض المكلفة والتي تتطلب سياسات وقائية وليست علاجية فقط.