د. عبدالواحد الحميد
تتعرض في كثير من الأحيان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة للانتهاك من قبل أشخاص آخرين لا يحق لهم التمتع بتلك الحقوق، ومن أبرز ذلك ما نراه في المواقف المخصصة لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة عندما يقوم أحد الأشخاص ممن لا يمكن تصنيفهم بأنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بإيقاف سيارته في تلك المواقف متجاهلاً التنبيه المدون بوضوح على اللوحات الخاصة بتلك المواقف.
هذا يحدث كثيراً ونلاحظه باستمرار، وعندما نحاول تنبيه بعض من يرتكبون تلك المخالفات نُفاجأ برد فعلهم الذي قد يتراوح بين التجاهل التام إلى توجيه عبارات غير لائقة بحق من يقوم بتنبيههم!
مثل تلك التصرفات تدل، بكل تأكيد، على غياب ثقافة احترام حقوق الآخرين سواء كان الآخرون هم من ذوي الاحتياجات الخاصة أو سواهم من الناس. وهذا ما نلاحظه أيضا في سلوك البعض ممن لا يحترم أولوية الوقوف في طوابير الانتظار، إذ ليس من النادر أن ترى شخصاً يتجاوز الآخرين ويتقدم عليهم في الصف كما لو أنه يملك حقوقا تفوق حقوقهم!
منذ عام خصصت أمانة جدة حديقة لذوي الاحتياجات الخاصة تتناسب مع ظروفهم، فجهزتها بملاعب ملائمة وصممت المساحات والأبعاد في هذه الحديقة التي أسمتها «حديقة الإرادة» بحيث يستطيع ذوو الاحتياجات الخاصة ممارسة اللعب والتجول والاستمتاع بمرافق الحديقة دون أن يواجهوا الصعوبات التي يعانون منها عندما يذهبون إلى الحدائق العامة الأخرى. لكن المفاجأة، كما نقلت جريدة الحياة، هي أن الأشخاص العاديين بدأوا يزاحمونهم في ارتياد الحديقة وفي استخدام الألعاب والمرافق المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة!
القضية، بالطبع، ليست فقط حديقة ذوي الاحتياجات الخاصة بجدة، وإنما هي أكبر من ذلك. فالمزاحمة التي يمارسها أشخاص ليسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن أن يوقفها القانون، لكن الأهم هو غياب ثقافة احترام حقوق الآخرين عموماً.
نعم لابد من وجود نظام يعاقب من يتجاوز حقوق الآخرين، وبخاصة حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن الأهم من ذلك هو زرع ثقافة احترام تلك الحقوق بحيث يتصرف الإنسان عندنا مثلما يتصرف الناس في المجتمعات المتحضرة الراقية التي زرعت فيهم تلك القيم منذ الصغر فأصبحت ممارستها أمراً تلقائياً بوجود القانون وبعدم وجوده.